Al Jazirah NewsPaper Saturday  30/05/2009 G Issue 13393
السبت 06 جمادىالآخرة 1430   العدد  13393
أوباما في الرياض.. الأربعاء.. وخطاب العالم الإسلامي.. الخميس
كيف يوظف العرب مستجدات السياسة الأمريكية؟
د.علي بن شويل القرني

 

الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيحل ضيفا على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم الأربعاء القادم، وستكون هذه الزيارة في إطار زيارة لأربع دول في جولته الخارجية، دولتان عربيتان السعودية ومصر.....

....ودولتان أوروبيتان هما فرنسا وألمانيا. وبطبيعة الحال فقد أجريت اتصالات ولقاءات بين الزعيمين خلال الأشهر الماضية منذ تولي الرئيس أوباما مقاليد البيت الأبيض في يناير الماضي، ولكن حضوره إلى العاصمة الرياض يعكس الثقل السياسي الذي تحتله المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدالله الحكيمة، التي أثمرت في بناء صورة إيجابية ومميزة عن المملكة لدى جميع دول ومؤسسات العالم.

وسيغادر الرئيس الأمريكي في اليوم التالي إلى جمهورية مصر العربية، حيث يلقى خطابه المنتظر الموجه للعالم الإسلامي من منبر جامعة القاهرة. وتأتي هذه الزيارة أساسا في إطار جهود الرئيس اوباما لفتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي. وينتظر الجميع فحوى هذا الخطاب التاريخي الموجه للمنطقة الإسلامية. وسيعرض الرئيس أوباما رؤيته في هذه العلاقة مع العالم الإسلامي، وما يتوقعه من اتجاهات مشتركة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الأمريكية.

وقد أدركت المؤسسات السياسية الأمريكية أن العالم الإسلامي هو المنطقة الأهم في بناء استقرار عالمي، وأمن دولي. وأن كثيرا من المشاكل والأزمات التي يمر بها العالم ناتجة عن ظروف ظلم واستلاب حقوق لدول وشعوب من العالم الإسلامي. وتأتي القضية الفلسطينية في مقدمة الأزمات التي يعاني منها العالم، وتنعكس على توترات مستمرة بين الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي.

وكان الرئيس اوباما قد وجه أكثر من رسالة إلى العالم الإسلامي، بدءا من خطاب تتويجه في يناير الماضي، ومرورا بالتقدير الذي لقيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في لندن في قمة العشرين، ومرورا بخطابه في تركيا الموجه للعالم الإسلامي، وأخيرا وليس آخرا خطابه يوم الأربعاء القادم من جمهورية مصر العربية. وهذه الإشارات تبدو حقيقية، وليست موجهة للاستهلاك الإعلامي. كما أن تصريحاته السياسية عن وضع المنطقة والحل النهائي لمشكلة الشرق الأوسط على أساس الدولتين، وفي إطار المبادرة العربية هو مؤشر مهم في استجلاء السياسة الأمريكية نحو المنطقة. وعندما ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو إلى واشنطن في محاولة لتغيير توجه الإدارة الأمريكية، يبدو انه فشل في ذلك. كما أن إسرائيل ليست ضمن الدول التي سيزورها في المنطقة، وهذا مؤشر آخر على أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ليست كما اعتادت عليها إسرائيل مع كل الإدارات الأمريكية السابقة. وكانت إسرائيل دائما في مقدمة الدول التي تحرص أي إدارة أمريكية جديدة للقائها، والحضور اليها. وقد اكتشفت إسرائيل أن الأمور تسير في غير المسار المعتاد للسياسة الأمريكية الخارجية تجاه المنطقة.

والسؤال المحوري، هو كيف لنا في العالم العربي والإسلامي أن نستثمر هذه الفرص التاريخية التي نعيشها اليوم وخلال السنوات القادمة من أجل أن ندفع بالسلام في المنطقة.. هذا هو السؤال الذي يجب أن تعمل عليه قيادات ومفكرو وإعلام وشعوب العالم العربي والإسلامي. وفي نفس الوقت، فإن الآلة الإسرائيلية تعمل حاليا على محاولة تفكيك مشروع السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة التي يحاول بناءها الرئيس أوباما. ومن المتوقع ان تعمل اسرائيل بكل إمكانياتها داخل إسرائيل وداخل الولايات المتحدة على ان تربك مثل هذه السياسات، من أجل أن تشكل ضغطا كبيرا على إدارة اوباما، وتجعله في مواجهة مباشرة من قوى الضغط الإسرائيلي داخل البيت الأمريكي. إن نتانياهو هو أفضل من يخطط ويقوم بمثل هذا الدور التخريبي لخطة السلام في المنطقة. ويتعجب نتانياهو من العجلة التي تحولها إدارة أوباما لعملية السلام، فيرى أنها غير مناسبة. كما أن نظام الدولتين لا يستسيغه رئيس الوزراء الإسرائيلي، كما أنه يرفض تجميد المستوطنات.. ويرى أن الدور الأمريكي في المنطقة يجب أن يركز على الملف النووي الإيراني فقط، ويترك ما عدا ذلك للمستقبل. هذه باختصار مواقف نتانياهو لإفشال عملية السلام المتعثرة أصلا، وسيحاول أن يبعثر أوراق الإدارة الأمريكية في جهودها لحل مشكلة المنطقة.

ولكن ماذا يجب على العرب أن يفعلوه في جهودهم لمساعدة الإدارة الأمريكية، والجهود الدولية لإحلال السلام في المنطقة. وأول هذه الجهود تبدأ من داخل البيت الفلسطيني، فلم تتمكن الفصائل الفلسطينية أن تتحد في حكومة وطنية مشتركة، ولا تزال حماس تناكف السلطة الفلسطينية في محاول - ربما - لتأكيد استقلالها بقطاع غزة.. وهذا ما يتحجج به الإسرائيليون امام العالم، فالفلسطينيون غير متفقين على حكومة واحدة أو قرار سياسي واحد. كما يجب أن يعمل العرب على تأكيد مبادرة السلام التي أقرتها القمة العربية، والتي كانت أساسا مبنية على مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويجب أن تتشكل وفود عربية رسمية وفق خطط مدروسة لتأكيد هذه المبادرة في العواصم العالمية الكبرى، وكشف الموقف الإسرائيلي وبخاصة الإدارة الإسرائيلية الحالية لنتانياهو ورفضها لمبادرة السلام العربية. يجب أن تطلق الدول العربية حملة تشهير بالمواقف الإسرائيلية المتخاذلة مع مبادرة السلام العربية. فلربما، مع مواقف إيجابية من الإدارة الأمريكية، يتشكل ضغط عالمي يجبر إسرائيل للرضوخ لقواعد المنطق والاستحقاقات الشرعية للقضية الفلسطينية.

المشرف على كرسي صحيفة (الجزيرة) للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود


alkarni@ksu.edu.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد