هل يحق لأحد ما أن يراعي مشاعر المجرم؟! وهل من المناسب أن تداري أحاسيس من يرتكبون أقسى الممارسات غير الإنسانية بحق الآخرين؟ فمن باب أولى أن تستغل هذه الحالة للتأثير على من سواه في مثل هذه المواقف غير السوية.
فالأمر الذي يثير فينا العجب، ويمكن لنا أن نطرح الكثير من الأسئلة حوله، والتوجس من أمره، هو مداراة مشاعر السارقين واللصوص وقاطعي الطرق عن أعين الناس، بل وحتى منع التصوير لوجوههم، وكأن لهذه الفئة حقوقاً أو واجبات على من حولهم، ممن تعدى عليهم، وسلب أموالهم، أو هتك أعراضهم، أو اعتدى على أي طفل من أطفالهم.
ففي الصحف لا نرى أية صورة من صور هؤلاء المجرمين الذين فرغوا من جريمتهم، لكي ندقق بسحنهم المؤذية، ووجوههم القبيحة، ليس من أجل التشفي بهم كما يظن البعض، وإنما من أجل أن نتعرف أكثر على هذه النوعية التي ترتكب أبشع الجرائم كالسطو، أو ارتكاب أفظع الممارسات غير الأخلاقية ضد الناس ولاسيما الأطفال.
فقد ترجع الأسباب في عدم مشاهدة وجوههم إلى أن هناك تحقيقات ستستكمل، أو أمراً يراد به الكتمان، لكن أن يكون تقليداً حتى في مجال التعرف النهائي وثبوت الجرم على الجاني!.. فلماذا لا تبرز صورته بشكل واضح؟ ليتعرف الناس عليه، وعلى من سواه من هؤلاء القتلة، والمجرمين، مع التركيز على أهمية كشف أصحاب الجرائم الأخلاقية التي تمارس ضد الأطفال؛ فالتستر عليهم، وإخفاء صورهم ليس له ما يبرره.
قد يكون من الضروري أيضاً نشر صور الفئة الأخرى من المجرمين كلصوص المحلات التجارية، وسارقي البيوت، وقطاعي الطرق من أجل أن نتعرف على نوعية هؤلاء، وهيئاتهم.. فلماذا نقيم وزناً لهم، ونداري مشاعرهم، وهم لم يقيموا أي وزن أو قيمة لمشاعر أحد من الناس؟!
التشهير باللصوص وقطاع الطرق مهم، وعرض صورهم ضروري، شأنهم شأن الإرهابيين والقتلة الذين يفجرون المباني السكنية، ويوقعون الأذى بخلق الله، فحينما تعرض صورهم، وتعد لقاءات معهم، سيسترشد البعض عليهم، وعلى مَنْ هم قريبون منهم.
فالذي يعترض على أمر نشر صور المجرمين ومنهم محترفو الاغتصاب والإيذاء الجسدي وجرائم التعذيب، هو من يريد بطريقة أو بأخرى أن يساوي بين الضحية والجلاد؛ فقد تنشر
صور الضحية، وقد يجرى لقاء مع عائلة من وقع عليه الضرر، في وقت تتسامى فيه آلة التصوير عن التقاط مشهد لهيئة المجرم ووجه الكابي.
فهؤلاء لم يرحموا ضعف عباد الله، وبكاء الأطفال بين أيديهم، وترويع النساء، وهتك الأعراض، فكيف نستشعر بهم الحس الإنساني، وهم أبعد ما يكونون عنه؛ لنحجب صورهم عن النشر؟! فنحن على يقين بأن مشاعر أهل هؤلاء وأقربائهم مثل مشاعرنا تماماً حينما تهزنا أخبار الجرائم التي تقع بين فينة وأخرى، فنقول: يا رب سترك.. متى يكون الدور علينا، أو على من نحب في هذه المصائب؟! نسأل الله السلامة للجميع.
Hrbda2000@hotmail.com