Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/05/2009 G Issue 13387
الأحد 29 جمادى الأول 1430   العدد  13387
فاصل إعلامي
الإعلام والأمن
محمد إبراهيم الماضي

 

تحولات سريعة وأحداث خطيرة تواجه الأمة العربية بأسرها لا تستثني من ذلك أحداً، فالكل مستهدف في أمنه وحاضره ومستقبله، فمشاريع الفوضى الخلاقة، والشرق الأوسط الكبير، مشاريع لم تعد سراً فهي تعلن ليل نهار على لسان كبار مسؤولي الغرب، وهؤلاء القوم لم نتعود منهم الكلام لمجرد الكلام، فهم حين يتكلمون يقصدون ما يعنونه بكل تأكيد.

وبرغم كل هذا الواقع، فلا يزال الإعلام الفضائي العربي في معظمه يمارس دوراً غير مسؤول، فهو إعلام لا يتفاعل مع الأحداث والقضايا العربية المهتمة بالجدية المطلوبة، فاهتماماته في الغالب سطحية تعتمد على تقديم الترفيه الخالي من أي مضمون إنساني رفيع، فالخواء هو المسيطر على ما يقدم من برنامج، كما أنه إعلام لا يتحرك إلا كرد فعل فقط على ما يجري، فلا مبادرات ولا استراتيجيات ولا خطط، فالأمر برمته متروك للظروف، فما أن تبرز قضية أمنية جديدة إلا وتجد هذا الإعلام يتحامل على نفسه ويقوم بتقديم ندوة أو اثنتين، وذلك من باب أداء الواجب ويكتفي بذلك وهو يعتقد أنه قام بالواجب وما قام بالواجب في الحقيقة.

ما الذي يريده المواطن العربي من إعلامه؟

يريد المواطن العربي من إعلامه وهو يخاطبه أن يحترم عقله وذكاءه فيقدم له المعلومة الصحية والرأي السليم وأن يكون عوناً له في معرفة الحقائق، وأن يساعده في كشف زيف وخطورة الأفكار الهدامة التي تروج للعنف والتطرف، وهذا يتطلب من هذا الإعلام أن يبادر إلى وضع الخطط بعيدة المدى والتي تعتمد على تقديم برامج مدروسة بعناية ويستقطب لها رجال تتوافر فيهم صفات العلم والكفاءة والقدرة والحرص على كسب الرجال الأكفاء الذين تتوافر فيهم عناصر القبول والمحبة من المشاهدين، وهي بعض المعايير التي يجب أن تطبق بحزم على من يتصدرون لمثل هذه البرامج، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يطمح المواطن العربي ويأمل كذلك أن يرتقي الإعلام العربي بأدائه وأن يطور من أسلوبه بشكل يماثل ما استطاع رجال الأمن العرب أن يحققوه من نجاحات كبيرة في مكافحة ومحاصرة العناصر التي تروج للأفكار الهدامة.

الموضوع خطير لا يحتمل التلكؤ ولا التسويف ولا التردد، لأن ذلك يمس حياة أمة يجب أن تحيا عزيزة مرفوعة الهامة والكرامة، وحتى يمكن لهذه الأمة بعد ذلك أن تنفق وتوظف هذه الجهود في عمليات البناء الحضاري والثقافي والإنساني الجديد بها.

وليس هناك أفضل من يقوم بمثل هذه المهمة من الإعلام، فهو الأقدر والأكبر تأثيراً في صياغة وجدان ومشاعر الملايين من سكان العالم العربي.



malmadi777@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد