Al Jazirah NewsPaper Saturday  23/05/2009 G Issue 13386
السبت 28 جمادى الأول 1430   العدد  13386
محمد النويصر.. بهذا الإرث رحلت
سليمان بن محمد العيسى

 

محمد النويصر.. عندما جاء نعيك.. مر أمامي شريط طويل: وجهك الطيب.. قلبك الحنون.. سماحة نفسك.. خلقك النبيل.. فيض إحساسك.. شهامة طبعك.. كرم عونك.. إنسانية سعيك.. أصالة معدنك.. نقاء قلبك.. هدوء طبعك.. بهذا الإرث كله.. رحلت.. وقد تركت لنا تاريخاً كتبته بكل ما أعطيته من جهد وتفان وإخلاص لدينك ومليكك ووطنك.

أجل.. يا أبا عبدالرحمن.. رحلت عن هذه الدنيا بكل صخبها وضجيجها.. بعد أن عشتها يدا ندية.. ونفسا أريحية وحياة حفية.. كان الفقراء.. والمعوزون.. وذوو الحاجة يعبرون إلى قلبك الذي يفيض بالعطف.. فتصل بمطالبهم إلى أولي الأمر.. تسند حاجتهم.. وتمسح حزنهم.. وتحقق سؤالهم..

كنت المخلص الأمين.. في ديوان ولي الأمر.. لسنوات طويلة، لم تقصر في واجب.. ولم تفرط في مهمة.. واصلت العمل ليل نهار.. لم تأبه بنصب يلحق بك.. ولم تضن بجهد يسرق راحتك.

كنت مدرسة إدارية.. تعلم منها الكثيرون تحت رئاستك.. دقة وحرصا.. وأمانة.. وأسلوب عمل.

ويشهد الله.. كم كنت حفيا.. بهيا.. بكل الناس.. تفرح في مساعدة إنسان.. وتسعد في نجدة عاجز.. وتهنأ في عون محتاج.. وتحرص على إغاثة ملهوف.

أبا عبدالرحمن..

الكثيرون.. يذكرون.. كيف كنت تلقى الضعفاء والمحتاجين في المسجد عند صلاة الفجر.. تجمع مطالبهم.. وتحملها في يدك لتأتي إليهم في اليوم التالي وعند صلاة الفجر أيضا حاملا إليهم بشرى كرم ولاة الأمر عونا ومساعدة واستجابة؛ فتلهج ألسنتهم بالدعاء وتتعاظم في قلوبهم معاني الامتنان.

أبا عبدالرحمن..

عايشتك عمرا وسنين فلم أرك إلا باشا هادئ النفس طلق المحيا.. وعايشك موظفوك فكنت أبا لصغيرهم وأخا لكبيرهم، لا تصدر منك كلمة نابية.. ولا يعلو في صوتك نبرة غاضبة، تحسن الرفق بهم.. وتحرص على توجيههم بعمق خبرتك.. وكفاءة إدارتك.

وعايشك الكثيرون ممن كانوا يصلون إلى مكتبك فيجدون منك الصدر الرحب.. واللسان الرطب.. والتجاوب الدمث.

أبا عبدالرحمن..

لئن مضيت.. عن هذه الدنيا الفانية.. إلا أنك تبقى في تاريخ عطائك.. وفي أفئدة محبيك.. وفي عيون عارفيك خالد الذكر.. بكل صفاتك التي لا تنسى.. وبكل فعالك التي لا تغيب.. وبكل مواقفك التي لا تضيع.. وبكل إخلاصك وتفانيك الذي لا يزول.. وسيبقى ذلك كله في قلوبنا.. وذاكرتنا.. سيرة عطرة.. وصفات محمودة.

أبا عبدالرحمن..

رحمك الله.. وأسبغ عليك شآبيب مغفرته.. وألهمنا جميعاً بفقدك عزاء الصبر والاحتساب.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد