Al Jazirah NewsPaper Saturday  23/05/2009 G Issue 13386
السبت 28 جمادى الأول 1430   العدد  13386
إعلان عودة الأموال إلى خزينة الدولة يوجّه بوصلة الأسواق الأمريكية نحو الصعود
ربيع أسواق العملات يحل ضيفاً على أوروبا.. وأجواء الخريف تطيح بالعملة الخضراء

 

بعد فصل الشتاء القارس الذي منيت به أسواق المال عامة وأسواق العملات بالتحديد بسبب ظهور الأزمة المالية العالمية، بدأ المناخ العام للأسواق يتباين بين عملة وأخرى؛ نظرا إلى التحول القيادي بين الأسواق؛ حيث تعتبر أوروبا حالياً قائدة في أسواق العملات، بينما أمريكا تقود أسواق الأسهم من حي الوول ستريت؛ فمن الطبيعي أن يدخل فصل الربيع القارة الأوروبية أولاً عبر عملتيها اليورو والجنيه، في حين أن الدولار موعود بفصل الخريف والمخيف بعواقبه، أما الين الياباني فيبدو أنه يعيش في المنطقة الاستوائية على الرغم من أن موطنه يبتعد كثيراً عن هذه المنطقة جغرافياً، وتتسم هذه العملة بالملل والجمود حتى في الأساسيات والحركة السعرية أمام معظم العملات، وفي هذا المناخ المتقلب تأكيد على أن الأزمة المالية ستدخل أسواق المال جميعها فصل الربيع أو كما يسميه الاقتصاديون دورة الانتعاش.

الدولار الأمريكي:

بعد إعلان الفدرالي الأمريكي أن بنوكا أمريكية قد تقدمت بطلب إعادة الأموال التي سبق أن أخذتها من الحكومة عبر برنامج شراء الأصول المتعثرة التي تبلغ قيمتها 45 مليار دولار من بينها (بنك جي بي مورغن تشيس وبنك موغن ستانلي وبنك جولد مان ساكس) حيث من المتوقع أن تعاد خلال الشهر القادم، كان ذلك كفيلاً بدفع الأسواق للصعود مجدداً، خصوصا بعد الاختبار الفاشل للمتحوطين بالدولار الذي لم يعد صديقاً وفياً كما كان خلال الأشهر الماضية، والسبب هو أن هذه العملة لا تحظى بعزوم شرائية جادة لتفوق عرض النقود بسبب خطط الإنقاذ المتوالية؛ ما جعل خسائر العملة تتفاقم إلى مستوى 81 أمام سلة من العملات، ولا يزال للهبوط بقية إلى مستويات 72 خلال الأسابيع القادمة.

وارتفعت أسعار المنتجين لشهر إبريل بنسبة 0.3% مقارنة بالقراءة السابقة المنخفضة بنسبة 1.2%، ومع سلبية طلبات الإعانة الأسبوعية للأسبوع الأول من شهر مايو التي وصلت إلى 637 طلباً، مقارنة بالرقم السابق 601 طلب، جاء صافي التدفقات النقدية لشهر مارس 23.2 مليار، الذي أعطى مؤشراً حقيقياً لبدء تعافي السيولة في الاقتصاد الأمريكي.

أما بشأن أسعار مبيعات المنازل حديثة النشأة لشهر إبريل فقد وصلت إلى 458 منزلاً مقارنة بالقراءة السابقة عند 510 منازل، وعلى العكس تراجعت تصاريح البناء لنفس الشهر إلى 494 تصريحاً؛ ما يوحي بتأرجح هذا القطاع حتى الآن. ويبقى أن نشير إلى أن العامل الرئيسي الذي حسم اتجاه الأسواق الأمريكية للصعود هو إعلان الفدرالي الأمريكي بخصوص عودة الأموال إلى خزينة الدولة.

اليورو مقابل الدولار الأمريكي:

تم اختراق مستوى 1.37 وأعلن بداية الاتجاه الصاعد الجديد، واحتفل المضاربون بأرباحهم، ولم يبق غير المتحوطين لدفع الزوج لمزيد من الاخضرار، ولم يبقَ سوى انتظار مستوى 1.44 الذي سيكشف لنا مستويات الجشع أو الهلع خلال الشهر القادم، وقد نشاهد ارتدادا عموديا خاطفا لليورو على حساب العملة الأمريكية، وهي آخر المفاجآت السارة.

الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي:

الجميل في هذا الزوج أن الصعود المفاجئ له لم يكن بزاوية حادة على الرغم من التكاليف الزهيدة لبناء قواعده السعرية، وعليه يمكن أن نتوقع أن الاتجاه الصاعد الحالي سيزداد تسارعا حتى يصل لمآربه وهي منطقة 1.67 التي طالما حلم بها هذا الزوج أو كما يسميه البعض بالزوج المجنون، وعند ذلك المستوى قد نرى تداولات أفقية يبدي فيها احتراما للتاريخ الذي دائماً يعيد نفسه في أسواق المال.

الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني:

يمكن نعته بالزوج التائه؛ نظرا إلى بعد مستوياته الحالية من أي دعوم أو مقاومات جديرة بالاهتمام بعد القصف الذي مني به عند منطقة 102 مؤخراً، أما بخصوص اتجاهه الحالي فهو هابط وحديث الولادة، وقد يستمر عدة أشهر حتى تتم تزكيته من قبل المضاربين، وأقل ما يمكن أن يواجه هذا الزوج هو بقاؤه عند مستويات 88 عدة أسابيع عجاف.

اليورو:

كما شاهدنا في أمريكا نجد أن القطاع المالي كان وفياً تجاه خزانة بلاده برغبته في إعادة ديونه التي اقترضها طليعة هذه الأزمة، بينما رأينا المركزي الأوروبي سخياً الأسبوع الماضي بقراراته التي وصفت بالجذرية، على الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي في القارة العجوز للربع الأول انكمش بنسبة 2.5% وثبات مؤشر أسعار مستهلكين لشهر إبريل عند مستويات الشهر السابق بنسبة 0.4%، إلا أن نتائج أرقام المنتجين الأخيرة والإيجابية لا يزال مفعولها سارياً في الأسواق الأوروبية، إضافة إلى ذلك ظهور نتائج إيجابية عن ثقة المستهلك في القطاع العائلي لأوروبا خلال شهر إبريل؛ حيث جاءت متراجعة بقيمة 2.1 مليار مقارنة بالتراجع السابق عند 4 مليارات؛ ما أعطى نوعاً من التوازن في الاقتصاد الأوروبي من جهة التحليل الأساسي بين الحالتين السلبية والإيجابية، وتفوق التحليل الفني المرتبط بشهية المخاطرة في أسواق الأسهم.

الجنيه الإسترليني والين الياباني:

شتان بين العملتين؛ عملة تزخر بالبيانات الأساسية والفنية وهي الجنيه، وعملة تفتقر لهذه البيانات وتحكم نفسها بمصير البيانات الأمريكية، وهنا نشير إلى الين على الرغم من منطقية انقياد الاقتصاد الياباني نحو نظيره الأمريكي العميل الأكبر لمنتجات هذا البلد، أما بخصوص البيانات البريطانية فقد أعلن عن نتيجة أسعار المستهلكين لشهر إبريل بثبات عند نفس المستويات السابقة والمتراجعة بنسبة 0.2%، وبشأن مبيعات التجزئة لشهر إبريل فقد انخفضت بنسبة 0.1% حتى أسعار مبيعات التجزئة باستثناء الأصول العقارية لنفس الشهر تراجعت إلى 1.7% مقارنة بالقراءة السابقة عند 2.2%، ولكنها في المنطقة الإيجابية على الرغم من تراجعها.

ومع ذلك نجد أن الحركة السعرية للعملة الملكية تظهر تألقاً أمام العملات الأخرى، ولا ننسى أن أسواق العملات مسيرة بالتوقعات؛ فقد يكون لصناع السوق رأي مخالف في قادم الأيام.

وليد العبدالهادي


waleed.alabdulhadi@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد