(الجزيرة) - منيرة المشخص
اقتصادياً الإعلامي والمحرر عملتان لوجه واحد أو وجهان لعملة واحدة أو كيفما اتفق، فالهدف هو هنا القيمة الاقتصادية للعملة أو لنقل تقلب العملة هو القيمة الاقتصادية للهدف الإعلامي.
إن الرمي الإعلامي لاستهداف وجه العملة أو التوجه الاقتصادي إن صح التعبير لم يحظ بتلك القيمة مع استقرار الوجه فأدوات التحليل والدراسة من قِبل الإعلام بشكل عام لقراءة هذا الوجه المستقر لم يرتقِ لمتطلبات العمل المهني، على الرغم من التوجه الإعلامي له بكل طوائفه.
في السابق الحدث الأمني كحدث على الرغم من انحساره حظي بمهنية إعلامية أمنية واكبت تطوراته إلا أن الأحداث الاقتصادية المتلاحقة على الرغم من اتساعها لم تخلق هذه المهنية التي تواكب تسارعاته بل إن الزخم الذي تتمتع به المملكة اقتصادياً لم يكن يحتاج إلى حدث لحراك إعلامه أو التوجه الإعلامي نحوه.
زخم التوجه الإعلامي الأخير نحو الاقتصاد مع ضعف تعاطيه وقلة مهنيته له مثل لنا وجهاً نقصده مع ضيوفنا المهنيين بالتزامن مع الحدث الإعلامي لمنتدى الإعلام الدولي الأول لاستطلاعها وقراءتها ولكن من جهة واحدة للعملة.
يقول عبد الله القبيع نائب رئيس تحرير صحيفة الوطن إن طفرة الأسهم أوجدت طفرة في التحليل الأسهمي فأصبح عدد المحللين أكثر من الأسهم المتداولة والذي ساعد على تنامي هذه الظاهرة الفضائيات التي نبتت مثل الفطر فأصبح لكل سهم خبير ولكل فضائية خبراء نشاهدهم يومياً يتحدثون عن الأسهم وكأنهم يتحدثون عن الحروب وتحليلات المعارك وغدا لكل مواطن خبير أسهم يمده بالمعلومات ويغريه بالشراء حتى لم نعد نصدق من؟ السوق وانهياراته أم نصدق خبراء التفليس؟؟!.
ويضيف القبيع أنها موجة أتمنى أن تكون ولّت واستفدنا منها جميعاً، المشكلة أن الإعلام الاقتصادي يتطلب تخصصاً أكبر وفق دراسة منهجية يستطيع فيها المتخصص أن يحدد اتجاهات السوق ويعرف أخبار العالم الاقتصادي وعلاقاته المتشعبة وليس فقط معرفة أسعار الطماطم أو الأسمنت والحديد ولكن الأكثرية ناقلي أخبار أو متعاونين مع العلاقات العامة.
وتساءل القبيع بما أننا أكبر بلد نفطي... أيستطيع شخص أن يدلني على الصحافي المتخصص في أخبار النفط ومشتقاته؟
ومجيباً بالقول: نفتقر إلى الصحافي المتخصص في النفط مثلاً أو الاقتصاد وذلك لعدم وجود كليات إعلام متخصصة تهيئ الصحافيين، فبعض الكليات شبه عاجزة والصحافة في النهاية موهبة والشاطر من ينمي موهبته وقدراته وأخيراً الصحافة ليست وظيفة بل هي عشق ومحاولات شاقة للإخلاص والتفاني.
وتدليلا للسابق قال القبيع: ليس هناك مثلاً متخصصون في مجال السيارات وهنا لا أعني فقط الحديث عن الجديد في السيارات وإنما من هو قادر على تحليل الأزمات التي تعانيها هذه الصناعة، مفيداً بأن المجالات مفتوحة في الإعلام الاقتصادي والمطلوب هنا الممارسة ومعرفة أسواق العالم وليس فقط نقل الأخبار وإنما إيجاد خريطة طريق يستدل بها الصحافي الدؤوب.
وحول إثبات جدارة الإعلامية الاقتصادية كمحررة ودور الإعلامي قال القبيع: أفضل مجال للإعلامية أراه في صحافة المجتمع والبحث عن حقوق النساء والاهتمام بتنمية الإنسان وأسرته أما الجانب الاقتصادي فبعض منهن حاول مع المحاولين وأثبت جدارته أما بعضهن الآخر للأسف لا يفرق بين ميزانية دولة وميزانية منزل، وأفاد القبيع: الصحافة الاقتصادية ليست سهلة ولا يعني إجراء حوار مع تاجر ما انها أصبحت صحافية اقتصادية، فالصحافية المتخصصة في الاقتصاد تعرف أسرار العالم الاقتصادي وتستطيع أن تحاور أسماء كبيرة في عالم المال والأعمال وليست كل خريجة اقتصاد منزلي بالضرورة أن تكون صحافية اقتصادية.
وأكد القبيع بالقول إن ظهور فتيات في فضائية مثل العربية وهن معلقات ما بين الأسهم الحمراء أو الخضراء دليل نجاح التخصص والدراسة المهنية، وذلك مقارنة ببعض فضائيات الغفلة التي تقدم بعض مذيعاتها كل شيء من شعوذة وتفسير أحلام وخطبة وزواج مسيار، وحتى اقتصاد.
مساعد الزياني من جريدة الشرق الأوسط يتفق جزئياً مع ما تناوله القبيع حيث قال: الأمر فرضته طبيعة المتغيرات التي يمر بها المجتمع السعودي في مجالات عدة، ومنها بالتأكيد المجال الاقتصادي، فبعد طفرة النفط، وجنون الأسهم وفورة العقارات، وتقلبات سوق المقاولات.. كان لازماً على وسائل الإعلام المحلية أن تواكب هذه التغيرات والمتغيرات.
ويضيف الزياني: وعلى الرغم من هذا التوجه من الإعلاميين ووسائل الإعلام، إلا أنها لا تزال قاصرة عن مواكبة مستوى ما وصلت إليه البلاد في جوانب عديدة، منها على سبيل المثال النفط،،البتروكيماويات، التخصصات الدقيقة في سوقي المال والعملات، وكذلك المجالات العقارية والمقاولات.. ولذا فإنه من غير اللائق أن تكون المملكة من أوائل مصدري النفط في العالم ولا يوجد متخصصاً في هذا المجال، وكذلك الحال في المجالات التي تتبوأ المملكة مواقع الريادة فيها.
وعن أثر سوق الأسهم في زيادة أعداد العاملين في الإعلام الاقتصادي، قال الزياني: بالتأكيد، ليس هذا فحسب بل إن جمهور القراء والمشاهدين ارتفع من اقتصاره على فئة بسيطة إلى شرائح متعددة بسبب سوق الأسهم التي تضم في أغلبها ذوي الدخول المتوسطة وحتى العالية، فالإعلام الاقتصادي زرع في أرض خصبة وأن شئتِ (جديدة)، والمتلقي هو من يحصد ذلك الزرع.
وذهب مساعد الزياني - المتخصص في مجال الإعلام العقاري إلى تأكيد ندرة الكفاءات الاقتصادية، قائلاً إن هذا نتاج مخرجات كليات الإعلام، ففي دول العالم المتقدمة، نرى زملاء لنا أجانب في المهنة، تكون دائماً خلفيتهم الأكاديمية في جوانب اقتصادية متخصصة جداً، إلا أنهم يلتحقون في المؤسسات الإعلامية بعد الحصول على دورات قصيرة في التحرير، أو الكتابة.
وتساءل الزياني معلقاً على سؤال (الجزيرة) حول جدارة الإعلامية الاقتصادية كمحررة، قائلاً ما مقياس الجدارة، الإنتاج أم الكتابة؟ أو حتى الإعلان.؟ مجيباً:. لا يمكن أن يكون هناك تقييم دون وجود معيار، ويرى أن مجال الإعلام الاقتصادي لا يزال في مراحل النمو الأولى.. وحتى نصل إلى الجودة، نحتاج إلى الانتشار، لتحقيق المنافسة التي بدورها تفرز الجيد بمعيار الجودة المأمولة.
وعدَّ مساعد الزياني، أن لجنة الإعلام الاقتصادي في غرفة الرياض، تحمل العديد من الرؤى والتطلعات، مشدداً على أنها بداية لتسليط الضوء على هذا الجانب، وفي الوقت نفسه التأسيس لإعلام اقتصادي يليق بالمملكة التي كانت الدولة الوحيدة ضمن قمة العالم الاقتصادية.(G 20)