في الأسبوع الماضي كتبت المقال الأول عن نقاط يستحق الوقوف عندها عن دراسة حديثة غير علمية لمجلة فوربز الأمريكية المتخصصة حول الخصائص التي تجمع البليونيرات والناجحين في مجال الأعمال واليوم أخصصه للحديث عن النقطة الثانية والتي شدت انتباهي رغم أنها ليست بالمفاجأة ولكن أعرضها من باب التوكيد. الخاصية الأخرى التي ذكرتها دراسة مجلة فوربز أن فئة ليست بالقليلة من البليونيرات والناجحين واجهوا في بداية حياتهم المهنية أو في مرحلة مبكرة من حياتهم المهنية صعاباً كثيرة من ناحية التأقلم مع أعمالهم أو توجهات رؤسائهم أو فشلوا في مشروعاتهم ولكن مثل تلك الحالات كانت كفيلة ومهمة لكي يخرجوا منها أقوياء ويصلوا لقمة النجاح.
هذه دروس مجانية للشباب والطامحين بأن الفشل والمصاعب في بداية الحياة المهنية إنما هي مؤشرات قد تكون إيجابية أو ضرورية لكي تصقل الشخص وتدفعه للتحدي مع نفسه والاستفادة من ما واجهه من فشل وصعاب للوصول إلى النجاح. نقطة أخرى مهمة وخصوصاً للشباب بأن لا يتوقعوا أن طريق النجاح والتميز سهل وخال من المصاعب بل يجب عليهم أن يتوقعوا الأسواء وأن يستعدوا له، وما خاب من قال (تمنى الأفضل وخطط للأسواء). الحياة مليئة بالمتناقضات والحياة العملية ليست بمنئ عن ذلك ولهذا يجب أن تكون لدى الشخص الطامح قدرة خارقة على تجاوز المطبات الكثيرة والتناقضات الشائكة إذا ما أراد تحقيق طموحة والوصول للتميز على المستوى الشخصي والعملي.
من قدر له قراءة السير الذاتية للعضماء والناجحين تجد أنهم جميعاً قد مروا بظروف وتجارب صعبة ومريرة خرجوا منها ناجحين بفضل إصرارهم وتركيزهم على أهدافهم وعدم الخضوع للفشل والمؤثرات السلبية الجانبية. لنا في رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أفضل المثل فهو من العظماء الذين واجهوا سيلاً من الصعاب وصل حتى الأذى ولكنه في الأخير حقق ما يصبو إليه. العصاميون من رجال الأعمال في السعودية وخصوصاً جيل الأوائل حققوا النجاحات المتوالية رغم قلة الموارد وضعف الإمكانيات وقلة التعليم فكانت الدافع لهم لتحقيق النجاح والوصول إلى التميز.
الأوضاع الاقتصادية العالمية غير المستقرة ربما تلقي ببعض الظلال السلبية على منطقتنا من الناحية الاقتصادية، وهذا يتطلب من الشباب جهداً أكبر وعزيمة أقوى للتعامل مع هذه الظروف وعدم الاستسلام للتحديات التي قد يواجهونها أو الفشل فالأصل في الأخير الوصول للنجاح ولو على تراكمات من الظروف الصعبة والفشل المتكرر لأن النجاح بعدها سيؤسس لقاعدة صلبة تبقيه على قمة النجاح.
استفسارات
* إذا لم يوفق الشخص في بداية حياته المهنية فهو مضطر إلى ترك العمل إلى عمل آخر يجد فيه ما يتواءم مع مواهبه، خصوصاً إذا كان موهوباً، لذا كيف يوفق الشخص بين سلبية التنقل المستمر وإيجابية حصوله على عمل يجد فيه نفسه.
(محمد السعيد - الرياض).
التنقل شيء طبيعي ومطلوب للشخص وللشركة، فالتغيير مطلوب للجميع وهو مهم ومفيد للاستفادة من الدماء الجديدة بالنسبة للشركات والخبرات والتحديات الجديدة بالنسبة للأشخاص، ولكن لابد أن يكون التنقل مبنياً على أسس وقرارات سليمة بعيدة المدى وليس لنزوات وقتية. أرى من خلال احتكاكي القريب ومن موقعي كاستشاري عدداً من الممارسات غير المفيدة، فتجد بعض الشركات وقد استمر لديها التنفيذيون في مناصبهم عقوداً. وهذا ليس بالأمر الصحي من وجهة نظري، فكيف لتلك الشركات أن تستمر في إبداعها وتجديد أفكارها إذا بقى القياديون فيها مدداً طويلة. وهنا أقصد فوق عشر السنوات. أما بالنسبة للأشخاص فهناك حد أدنى أرى أن أي شخص لا يجب أن يغير وظيفته قبل مرور سنتين ولمرة واحدة خلال فترة عشر سنوات، وعلى أن لا تزيد الشركات التي عمل فيها خلال هذه الفترة عن ثلاث شركات. أما إذا ما وجد الشخص ضالته خلال فترة وجيزة من الاتحاقه بشركة ما فلا أرى مبرراً لرفض الفرصة لأن الفرص لا تأتي عندما تريدها ولهذا حتى وإن تم التغيير في وقت قصير فإننا نعتبره بمصطلحنا تغييراً غير محبذ لكنه مبرر.
* كشركه متخصصة في الاستشارات التنفيذية، كيف تصنعون مني مديراً تنفيذياً وتقدموني لسوق العمل؟
(احمد العمري - الرياض).
إذا توفرت الخامة المناسبة في الشخص من حيث الخصائص الشخصية للنجاح كالطموح والحضور الذهني والذكاء وسرعة البديهة والإيجابية فبالتأكيد سيكون لنا دور في صقل تلك الخصائص وتمهيد الطريق للشخص للترقي في عالم التنفيذيين ولذلك تجد أننا كشركة نقوم بما يعرف بالتوجية الشخصي أو Personal Coaching لمثل هؤلاء الأشخاص ونزيد من فرصهم في اختيار المسار المناسب لهم وتسريع مسارهم الوظيفي ورفع القيمة الفنية والمادية لهم لأننا نعتبرهم مثل الأرض الخصبة بقليل من الجهد يمكن جعلها أرض منتجة. أما في حالات الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم الخصائص أعلاه بالمستوى المطلوب فيتطلب الأمر منا جهداً أكبر ولكن بالتأكيد لا يمكن أن نبدأ إلا عندما نعمل للشخص نوعاً من التقييم يحدد ما إذا كان سيستفيد من خدماتنا في هذا المجال. نحن نهتم ونستقبل الشباب من سن الثامنة عشرة وما فوق لعمل التقييم لهم وتوجيههم لكي يختزلوا سنوات النجاح في أقصر فترة ممكنة.
وقفات
* من الممارسات الخاطئة بالشركات هي عدم وضع الأمور في نصابها وضمن خطط موجهة وطويلة ولذا تجد العديد من القرارات المكلفة مادياً لم يستفد منها ولو بنسبة ضئيلة بسبب قصر النظرة واعتمادها على فكر شخص واحد لا أحد يملك الجرأة على قول لا له. إما خوفاً أو لعدم كفاءة. وتبرز مثل تلك الممارسات في الشركات التي يديرها شخص واحد أو ما يعرف ب (One Man Show) .
* الواقعية في العمل والتخطيط والطرح غائبة في الكثير من المواقف في تعامل الشركات العائلية مع الكثير من الفرص ولو أعطى هؤلاء العمل المؤسسي فرصة وهيأت الأرضية المناسبة له لأمكنهم من رؤية نتائجها الرائعة.
* أعتقد أن ما أفرزته الأزمة العالمية يتطلب من الشركات وخصوصاً التي ما زالت تعمل على الأسلوب الفردي أو الارتجالي إلى التحول للعمل المؤسسي حتى ولو كانت كلفته الآن كبيرة فستكون عوائده أكبر ليس فقط مادياً بل على مستوى ديمومة الشركة وتطورها.
ترسل الأسئلة إلى alammash@yahoo.com