د. حسن الشقطي
تفاعلا مع تخطي السعر العالمي للنفط لمستوى 60 دولارا تمكن سوق الأسهم هذا الأسبوع من الإغلاق إيجابيا عند 6053 نقطة رابحا ثمانية نقاط.. وقد برزت خلال هذا الأسبوع العديد من المحفزات الإيجابية التي تحث على تماسك مؤشر السوق بمستواه الحالي، أبرزها تصريحات وزارة المالية بتبني المملكة لسياسة مالية توسعية لتجنب الأزمة المالية العالمية، ثم تصريحات مؤسسة النقد حول نجاح السياسة النقدية المتحفظة في الحد من تداعيات الأزمة.. ولعل تصريحات قطبي السياسة الاقتصادية السعودية يصب بشكل أساسي في التكهن بوجود تحفيز مباشر لسوق الأسهم.. فإلى أين سيسير المؤشر؟ وهل هو مؤهل فعلا للصعود إلى مستوى 6500 نقطة؟ وأيهما أفضل للمؤشر الآن.. هل مزيد من الصعود أم التحرك في نطاق ضيق؟
نجاح السياسات الاقتصادية (المالية والنقدية) السعودية..
أثارت تصريحات من مسؤولي وزارة المالية ومؤسسة النقد حفيظة المحللين لكونها تصريحات تحث على التفاؤل من حيث الإعلان رسميا عن سياسة مالية توسعية بإعطاء ملامح لمزيد من الإنفاق الحكومي لتحفيز حركة النشاط الاقتصادي المحلي، فضلا عن التصريح عن استمرار العمل بالسياسة النقدية المحتفظة، والإعلان صراحة عن نجاح التوجهين في الحد من تداعيات الأزمة المالية العالمية.. وقد جاءت هذه التصريحات في سياق توضيح استحواذ المملكة على ما يعادل 25% من الاحتياطيات العالمية للنفط.. أي أن توجهات السياسة الاقتصادية بقطبيها هي توجهات نحو مزيد من التوسع.
دلالات المسار الضيق للمؤشر..
في ضوء المحفزات الإيجابية التي تحيط بالاقتصاد الوطني فقد تمكن المؤشر من الاستقرار فوق مستوى 5900 نقطة خلال تداولات هذا الأسبوع، بشكل يمثل دليلا إيجابيا على التماسك والبناء لمستوى دعم جديد بما يسهل بقاء المؤشر فوق مستوى 6000 نقطة.. ومما يعزز استقرار المؤشر هو زخم السيولة المتداولة المتزايد الذي استقر فوق مستوى 7 مليارات ريال، وهو مستوى يفوق متوسط الشهور الثلاثة الماضية التي كانت السيولة فيها لا تتجاوز بأي حال مستوى 5 مليارات ريال.
التكهن بنتائج الربع الثاني من سابك..
أبرز مخاوف المسار الصاعد الحالي هي ارتكازه على صعود سهم سابك فقط تقريبا، ولسوء الحظ صعود سابك لا يلقى مبررات قوية تعزز حركة التداول النشطة عليه.. لأن السهم يتوقع أن يستمر في تحقيق نتائج غير إيجابية خلال الربع الثاني، وخاصة أن سعر 60 دولارا للبرميل يعتبر سعرا غير كاف لخروج سابك عن نطاق السلبية.. بل إن صفقة جنرال إليكتريك سوف تستمر في إضفاء السلبية على نتائج أعمال الشركة من خلال عنصر إطفاء الشهرة التي من المتوقع أن تستغرق فترة أطول.. إن السؤال الأكثر أهمية الذي نحتاج إلى الإجابة عنه هو: ما هو سعر النفط الذي يمكن أن يخرج سابك عن سلبيتها ويحقق نتائج إيجابية لها؟ إننا نحتاج أن نحدد السعر القادر على إعادتها إلى أرباح مليارية كسابق عهدها؟
عمليات مضاربية من نوع جديد على نتائج الربع الثاني...
من أكثر الجوانب التي تثير القلق الآن هو أن كسب النقاط الجديدة للمؤشر أصبح يرتبط بسهم سابك، فخلال كافة أيام الأسبوع شاركت سابك بحوالي 10% أو أكثر في السيولة اليومية المتداولة إلا إن هذه الزيادات الآنية في تداولات سابك تعتبر غير مبررة بشكل كامل، وتفسر في جزء كبير منها بالمضاربات على الفترة المتبقية حتى إعلان نتائج الربع الثاني من هذا العام.. ولسوء الحظ فإن نتائج الربع الثاني يزداد الجدل حولها أكثر من نتائج الربع الأول.. فنتائج الربع الأول كان هناك اتفاق ضمني على كونها سلبية كثيرا، أما نتائج الربع الثاني فإنها بيئة خصبة للاختلاف حول نتائجها، لذلك، فقد ظهرت مضاربات من نوع جديد تستغل هذا الاختلاف في تحقيق أرباح غير عادية، وتسعى هذه المضاربات لاستغلال حالة التحفيز المحلي لحركة النشاط الاقتصادي.
في 6 أشهر.. أسهم التأمين تتربع على رأس قائمة الأعلى ربحية بنسبة تناهز 200%..
رغم التفاؤل بكم الإصلاحات الأساسية التي تم إدخالها على السوق خلال العامين الماضيين ورغم أن معظم هذه الإصلاحات تصب في اتجاه تعزيز النمط الاستثماري للسوق وتجنيبه عمليات المضاربة غير النافعة، إلا إن تداولات الشهور الست الماضية أثبتت بلا شك أن السوق استعاد مضاربات الماضي مرة ثانية بعشوائيتها.. فأسهم شركات التأمين جاءت على رأس قائمة الرابحين (على رأسها سهم ساب تكافل بربحية 575%).. والجميع يعلم بأن هذه الشركات لا تمتلك حتى الآن أي مبررات لهذه الربحية العالية سواء مبررات مالية أو حتى فنية.
الصورة المتكررة (الإنماء.. زين.. معادن.. سابك)..
من الصعب تفسير لماذا هذه القائمة المتكررة لقائمة الأسهم الأعلى نشاطا.. دائما تحتوي هذه القائمة على أربعة أسهم هي: الإنماء، زين، معادن، سابك.. هذه الأربعة تصل نسبة مشاركتها في حركة التداول إلى حوالي 32%.. أي أن تداولات هذه الأسهم الأربعة تعادل ثلث حركة التداول في السوق.. أما وجه المفارقة فهو أن جميع هذه الأسهم عبارة عن أسهم استثمارية وأيضا هي أسهم ثقيلة، فلماذا هذه الحركة النشطة على تداولاتها؟ بالطبع لا يوجد تفسير سوى لأهداف مضاربية.
مفارقات السوق..
- رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت على السوق خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلا إن سهم إنعام القابضة لا يزال يتربع على رأس قائمة الرابحين في السوق بنسبة 190.5% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حتى رغم خروجه إلى سوق ثانوي بمفرده.
- أن قائمة الأسهم الأعلى خسارة خلال السنوات الثلاث الأخيرة تضم ثلاثة بنوك بشكل غير متوقع، هي الجزيرة بنسبة خسارة 92%، والاستثمار بنسبة خسارة 77.5%، وبنك البلاد بنسبة خسارة 74.4%.
- ارتفع عدد الشركات المتداولة في السوق من 77 شركة في بداية عام 2006 إلى حوالي 128 شركة حاليا، أي أن هناك 51 شركة جديدة دخلت السوق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لذلك فإن السوق الحالي هو عبارة سوقين سوق للأسهم القديمة وسوق آخر للأسهم حديثة العهد.
محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com