قديما قال أحد شعراء النقائض العرب، لعله جرير إن لم تخني الذاكرة الهرمة، وأقول الهرمة لأن الأجهزة الحديثة الكمبيوتر تحديداً قد قلصَّ من دورها كثيراً ولم تعد مبعثاً على التفاخر في اتساع الحافظة في التراكم المعرفي، أقول قال شاعرنا (الرماحي) جرير نسبة إلى منطقة (رماح) التي عاش فيها حسبما اقتفى آثاره الدارسون، ولعل آخرهم كان الصديق الراحل صالح العزاز -رحمه الله- حينما اصطحب الصديق محيي الدين اللاذقاني إلى (رماح) وخرجا بموضوع شيق نشر في جريدة الشرق الأوسط قبل عشرين عاماً أو أكثر، أقول قال جرير:
|
أعددت للشعراء سماً ناقعاً |
أسقيت آخرهم بكأس الأول |
ولما وضعت على الفرزدق ميسمي |
وثغى (البعيث) جدعت أنف الأخطل |
ثم استمرت الملاحاة والمهاجاه بين أولئك الشعراء الأفذاذ فقال أحدهم بما معناه.. أنا الجرب الذي يأتي عليكم وليس لكم من الجرب شفاء.
|
وكان ذلك أيام ما كان الجرب هو مرض العصر آنذاك، فقال شاعر آخر: أنا (القطران) الذي يقضي على (الجرب)، وذلك حينما اكتشف العرب أن القطران (النفط) هو العلاج الفاعل للجرب، فقال الثالث (أنا الموت الذي يقضي عليكم فليس لكم من الموت نجاء).
|
تذكرت شعراء النقائض وأنا بعيد عن متناول المراجع التي تسعف الذاكرة وهذا كل ما جادت به الآن، ما علينا من ذلك كله بل الذي علينا منه هو أن لكل عصر داءه ووباءه. فعندما انتهى كابوس الجرب، جاء الطاعون ثم اختفى كلياً، وبعده جاء الجدري واختفى، وبعده جاء السل واختفى، وبعده جاءت الكوليرا واختفت، وبعدها جاءت الأمراض الجنسية (الزهري والسيلان والسفلس) ثم اختفت، ثم جاء الإيدز ولم أقل إنه اختفى -والعياذ بالله- ثم جاء جنون البقر واختفى، ثم جنون الغنم (حمى الوادي المتصدع) واختفى، ثم (الجمرة الخبيثة) والتي يبدو أنها كانت مجرد إشاعة لإشاعة الرعب في العالم، ثم تتالت الأوبئة الإشاعية نسبة للإشاعة المغرضة حتى جاءت إنفلونزا الطيور ثم (هجدت) الإشاعة التي يخوف فيها الغرب العالم. ولعل آخر ابتكارات الغرب هو إنفلونزا الخنازير. ومع أننا لا نتمنى الضرر لأي إنسان في العالم إلا أننا نتمنى أن يكون ذلك حقيقة لا إشاعة ليقلع البشر عن أكل لحم هذا الحيوان الكريه والمحرم شرعاً على المسلمين.
|
أتدرون لماذا أتمنى ذلك؟ حتى يرتد كيد الغرب إلى نحورهم لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)
|
والله يمهل ولا يهمل وهو العلي القدير.
|
|