الندوة التي نظمتها جامعة الملك سعود حول ابتزاز الفتيات كشفت من خلال المداخلات التي تمت والتجارب التي سردت أن هناك مشكلة اجتماعية حقيقية يتسبب فيها الفتيان والفتيات من خلال ما نعرف وما نقرأ حول هذه الظاهرة
أنه بعد أن يتم الإيقاع بمن يقوم بابتزاز هذه الفتاة أو تلك يوجه اللوم إليه بشكل تام ويتم تطبيق الأنظمة أو العقاب المستحق عليه وبما يتناسب مع حجم كل حالة وظروفها، وتخرج الفتاة بمظهر الإنسان المبتز المغلوب على أمره الذي لم يتسبب في أي من هذه الأمور فهي بريئة تماماً من موضوع هذا الابتزاز فقد حصل لها فجأة، أو كأنه حصل من شخص استغلها لاذمة له ولا ضمير هكذا بدون أي مسببات أو مقدمات أو حكايات أخرى تروى. فبعد أن يتم التعارف بين الطرفين وتتوثق العلاقة وتطول ويجري ما يجري بينهما، وذلك حسب ما نسمع وما نقرأ فجأة تجأر الفتاة بالشكوى والتذمر وتقدم بلاغاً بعد أن يطفح الكيل من إزعاجات هذا الفتى وابتزازه وترصده لها. المتسبب هنا في هذه العملية هي الفتاة فهي السبب الأول والرئيس للوصول إلى مرحلة الابتزاز، فالشاب لا يمكن أن يقدم على أي عمل أو مغامرة من هذا النوع لو لم يلق القبول التام والحسن والتشجيع الإيجابي لتكوين هذه العلاقة المحرمة. فما هو سبب هذا الاتجاه هل هو الفراغ، هل هو الضجر، هل هي الوحدة، هل هو الفقر، هل هو الإهمال الأسري وانشغال الوالدين والإخوة والأخوات، أم هل هو الفراغ العاطفي، أو تأخر الزواج أو عضل البنات.
أياً كانت الأسباب فإن الطرفين يتحملان المسؤولية والذنب بشكل مساو إن لم تتحمله الفتاة بشكل أكبر.
نعم تظهر سلوكيات مشينة من بعض الشبان لا تليق بشخص مسلم ولا مجتمع مسلم ولها دواعيها ومسبباتها المختلفة، ونعم مبدأ الستر الذي يمنح للفتاة مبدأ طيب ونبيل، ولكن لا بد من معرفة الأسباب ولا بد من المحاسبة بالطرق المناسبة فمن غير المنطقي أن يتسبب شخص بمشكلة عاصفة، ثم يكون هو الضحية والطرف الآخر هو المذنب وهو الذئب المفترس الذي أوقع بضحيته من دون قصد منها. وليس القصد هنا هو مراقبة الفتاة من قبل الأهل أو الإخوة بشكل بوليسي أو تسليط كاميرات عليها طوال الليل والنهار، فالفتاة تذهب لمدرستها وتذهب لجامعتها وتذهب للتسوق وتذهب لزيارة الأهل وتذهب لزيارة صديقاتها وتذهب لأماكن مختلفة تستدعيها حاجاتها الخاصة وهي بهذا كأي فرد آخر ذكراً كان أم أنثى لديها متطلبات حياتية أو يومية لا بد من تنفيذها، ولا يمكن أن نجعل مبدأ الشك والحماية الزائدة والمتشددة هي الوضع السائد ولذلك فإن الفتاة هي من يتحمل مسؤولية هذا الأمر منذ بدايته، وأنا هنا لا أدافع عن الشباب المخطئين المتهورين الذين لا يفكرون بعقل سليم يتخذ المبادئ الدينية قبل الاجتماعية مرشداً وموجهاً فلن يرضوا بهذا الوضع لو حصل لقريباتهم أو أخواتهم، ولكن القضية والعملية لا يمكن أن تحدث إلا بوجود طرفين متراضيين ومتفقين على ما يحصل وسيحصل، وأتصور أن غياب الوازع الديني أو ضعفه يعد عاملاً رئيسياً لنشوء هذه الظاهرة، وعلى الله الاتكال.