لا يمكن أن يقبل إنسان شراء أي سلعة دون أن يتأكد من أنها السلعة التي يريد وخالية من أي غش تجاري.
الغريب في الأمر أننا أحياناً نقوم بشراء سلعة معينة دون أن نراها على الرغم من تعرض تلك السلعة لغش فاضح، أتعلمون ما هي تلك السلعة؟ إنها البنزين.
طوال العشرين عاماً الماضية كان يباع في محطات البنزين نوع واحد فقط من البنزين هو ما يطلق عليه علمياً (أوكتين 95)، وقبل عامين تقريباً رأت شركة أرامكو أن (95) مكلف على المواطن؛ حيث يبلغ تكلفة اللتر 60 هللة؛ ولذا طرحت نوعاً آخر من البنزين أرخص هو (أوكتين 91) تبلغ تكلفة اللتر منه 45 هللة، الجانب المؤلم في الموضوع هو انتشار عملية الغش التجاري في محطات بيع البنزين؛ حيث نجد أن العمالة الأجنبية العاملة في عدد من تلك المحطات تقوم ببيع البنزين من نوع (91) على أنه (95) سعياً لتحقيق المزيد من الأرباح المالية دون وجه حق.
وإذا ما علمنا أن لون البنزين (91) يختلف عن لون البنزين (95) فقد كان من المفترض أن يتم إلزام محطات البنزين قبل عامين، وعند بدء تسويق تلك الأنواع من البنزين بأن تضع المضخات التي تتضمن جزءاً زجاجياً يستطيع من خلاله المستهلك رؤية نوعية البنزين الذي اشتراه، وهذا النوع من المضخات متوافر ويستخدم في عدد من الدول.
وقد يقول قائل إن محطات البنزين لا تغشنا فيما نشتريه من بنزين، ولكني أؤكد أن كثيراً منا قد وقع ضحية لهذا الغش من قِبل عدد من محطات البنزين، ويكفي لتأكيد ذلك أن نشير إلى أننا نتعرض لكثير من الغش في السلع الغذائية التي نتذوقها وغيرها من السلع التي نراها قبل أن نشتريها، فكيف إذا كنا لا نرى السلعة المشتراة.
ويكفي أيضاً لكي نؤكد انتشار الغش في محطات البنزين أن نعلم أن الكثير من أصحاب محطات البنزين لا يعلم شيئاً عن محطته؛ حيث إنها تدار وتُستثمر بالكامل من قبل عمالة أجنبية مقابل مبلغ مقطوع تدفعه تلك العمالة لصاحب المحطة بصفة شهرية أو سنوية.
كما يكفي لكي نؤكد انتشار الغش التجاري في محطات البنزين أن نعلم أن أعداد المفتشين في الإدارات المعنية بحماية المستهلك بوزارة التجارة غير كافية لمراقبة السلع الغذائية، فكيف والحال يتعلق ببنزين داخل خزانات مغلقة؟
صدقوني إن لم يكن صاحب محطة البنزين شريكاً في جريمة الغش التجاري التي يذهب ضحيتها المواطن، فإن العمالة الأجنبية العاملة في تلك المحطة قادرة على الخداع والتمويه على صاحب المحطة والزبون معاً.
ويكفي لكي نؤكد انتشار الغش التجاري في محطات البنزين أن نعلم أن السيارات لا تتأثر مباشرة عندما يوضع فيها بنزين مغشوش أو نوع آخر أقل جودة؛ حيث لا يتضح الضرر الذي لحق بماكينة السيارة إلا بعد زمن؛ ما يصعب معه معرفة المحطة التي تسببت في الأضرار بالسيارة.
ختاماً، هل هناك حملات رقابية كافية للتفتيش على محطات البنزين؟ وهل لدى وزارة التجارة القدرة على مراقبة وتفتيش جميع محطات البنزين للتأكد من عدم قيام العمالة الأجنبية فيها بممارسة الغش التجاري؟
الحل في ظني أن على وزارة التجارة أن تقوم بإلزام جميع محطات البنزين وخلال ثلاثة أو ستة أشهر على أكثر تقدير بوضع هذه النوعية من المضخات؛ كي يتعرف من خلالها الزبون على نوع البنزين الذي يريده. إن قيام وزارة التجارة بذلك سيعني قيام كل مواطن بدور الرقيب على تلك المحطة؛ ما يعني ضمان عدم وقوع المواطنين ضحايا لتلك الممارسات من الغش التجاري المنتشرة في محطات البنزين، وفي هذا أيضاً تخفيف للضغط على مفتش وزارة التجارة حينما يشارك المواطن المسؤول في الرقابة.