عندما يختل الأمن يختل معه كل شيء، فالخوف يشل الحياة، ويعطل المصالح، ولا يمكن لأي مجتمع أن يستقر سياسياً، ويزدهر اقتصادياً في ظل أوضاع أمنية متردية. ولذلك، فإن من أولى أولويات أية حكومة في العالم هو الحفاظ على الأمن. وانطلاقاً من هذه القناعة اهتمت المملكة بمعالجة قضية الأمن معالجة شاملة عسكرياً وفكرياً وبمختلف الوسائل.
وفي هذا الإطار تنطلق اليوم فعاليات المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري برعاية خادم الحرمين الشريفين. وهي مناسبة مهمة لمعالجة هذا الموضوع الكبير معالجة علمية من قبل خبراء في تخصصات مختلفة، ولا سيما أن الجهة المنظمة لهذا المؤتمر هي الجامعة العريقة جامعة الملك سعود عبر كرسي الأمير نايف للدراسات الأمنية. ونتوقع أن تتم دراسة موضوع الأمن الفكري من عدة زوايا، وخاصة أن المشاركين ينتمون لحقول علمية مختلفة.
وفي هذا السياق نؤكد على أن للأمن مفهوماً شاملاً يتعدى المفهوم العسكري الضيق له. لأن المعالجة العسكرية لا يمكن أن تكون كافية لاستتباب الأمن. فللإرهاب -مثلاً- جذور فكرية مدفونة في باطن بعض الكتب، ومتشعبة في مواقع الإنترنت وعدد من وسائل الإعلام المشبوهة. ولا بد من مكافحة الإرهاب فكرياً جنباً إلى جنب مع مكافحته عسكرياً.
والمملكة نجحت إلى حد كبير في إحباط الكثير من العمليات الإرهابية حتى باتت نموذجاً يمكن تكراره في دول أخرى، كما أوضح قادة بعض الدول الأوربية. إلا أن المملكة تدرك تماماً أن ثمة فكر منحرف يقف خلف الإرهاب، ولا بد من تفنيد هذا الفكر وتوضيح الشبه التي يعرضها هذا الفكر ويغرر بها الشباب الذين يفتقرون إلى العلم الشرعي الصحيح. ولهذا انطلقت برامج المناصحة التي نجحت في توضيح الحقيقة لعدد ممن وقعوا في حبائل ذوي الفكر المنحرف.
ومن المهم بمكان ألا تقف البحوث المقدمة للمؤتمر عند حدود العرض والمناقشة، ولكن لابد من تطبيق التوصيات التي تخرج بها هذه البحوث من أجل تحقيق مزيد من الأمن لبلادنا.
****