Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/05/2009 G Issue 13380
الأحد 22 جمادى الأول 1430   العدد  13380
تراث عمراني وهندسة بنائية مميزة وحقبة ازدهرت فيها التجارة عبر الحدود
تجار القيصرية يحنون إلى ماضي سوقهم ويتطلعون بأمل إلى مشروع إحيائه

 

الأحساء - رمزي الموسى

اعتبر أغلب أهالي محافظة الأحساء وزائريها من دول الخليج أن مشروع إعادة إعمار القيصرية أحد أهم المشاريع المرتقبة التي تنفذها البلدية رغم المشاريع التطويرية الجذرية التي تقوم بها كتطوير الطرق والحدائق، مشيرين إلى ارتباطهم العاطفي بينهم وبين القيصرية بما في ذلك الوضع الاجتماعي الذي عاصروه هم وأجدادهم.

وتحدث عشاق القيصرية حديثا تتخلله الأشواق والدموع وهم يتذكرون أياما خلت مع تلك البقعة الأثيرة، وقالوا: إن محلاتهم كانت أشبه بالدوانية أو المجلس، فسوق القيصرية كان وسطا لحياة اجتماعية نشطة ربطت بين العديد من أسر الأحساء، بل وبينها وبين باقي مناطق المملكة إضافة إلى أسر عديدة في دول الخليج العربي، حيث نمت علاقات ذات أواصر قوية.

وكان العديد من أبناء الخليج يحرصون على زيارة أصحاب المحلات للاطمئنان على أحوالهم ناهيك عن الجانب التجاري الذي يحقق فوائد جمة لجميع الأطراف.

وقال مهتمون بالتراث: إن سوق القيصرية يعد أحد أعمدة التراث العمراني الأحسائي لما كان يتميز به من موقع إستراتيجي وشكل تراثي يرجع إلى العهد العثماني وهندسة بنائية مميزة تشكل ممرات مترابطة تمكن من المرور على كافة المحلات، كما يميز البناء الأقواس الخارجية التي تعطي سمة مميزة للقيصرية، ناهيك عن الجانب الهندسي الفني الذي يتيح اتقاء أشعة الشمس عند ارتفاعها في كبد السماء وقت الظهيرة حتى غروبها، وقد ظلت هذه الأبنية شامخة رغم تعاقب السنون الطوال عليها، ورغم المتغيرات المناخية المتعاقبة، وهي تتألف من مواد البناء التقليدية كجذوع النخل والسعف والحجارة والجص، ويعتقد أنها قائمة منذ 150 عاماً خلت.

ويقول تجار: إن سوق القيصرية كانت بمثابة حقبة ذهبية لبعضهم باعتباره أول وأقدم مجمع تجاري في المنطقة استطاع جذب شتّى أنواع البضائع وتمركز مهن عديدة فيه تحت سقف واحد، وسط أجواء اجتماعية محببة تمكن الجميع من رؤية بعضهم البعض، نظراً لقرب المسافة بينهم وصغر مساحة المحلات وتعدد أنواع الأنشطة التجارية، كبيع المشالح والعبي النسائية والعطور والملابس الرجالية ومحلات الصرافة والأعشاب والمواد الغذائية الشعبية وأدوات الصيد.

وتميز السوق، بعرض منتجات الأحساء الشعبية والحرف والصناعات التقليدية الشعبية التي اشتهرت بها مدن وقرى الأحساء، وكل ذلك شكل وسطاً تجارياً مثالياً مكن من ارتباط تجار السوق بأنحاء عديدة من العالم كالهند والشام واليمن، وقد عزز ذلك من مكانة الأحساء التجارية.

كما أن السوق أوجد فرصة لنساء كثر لممارسة التجارة عبر بيع الصوف والدهون وبعض المنسوجات، وهي فرصة لم توفرها الأسواق التجارية إلى الآن للمرأة.

وقد بدت عبارات الأسى واضحة على فقدان السوق منذ تسع سنوات، وما خلفه ذلك من أضرار سياحية فضلا عن التجارية، وتساءل العديدون عن أسباب تأخر مشروع إعادة إعمار القيصرية والذي تشرف عليه بلدية الأحساء، فالجميع بانتظار إعادة الحيوية لواحد من أهم معالم الأحساء الأثرية.

ومع ذلك فإن قدر من الأمل يبدو على وجوه الناس، وقد امتدحوا فكرة إعادة إعمار القيصرية بنفس الشكل القديم وبذات المواد الأساسية المستخدمة في البناء كالصخور والأخشاب، إلا أنهم لم يستحسنوا فكرة وضع طبقة من الأسمنت فوق الأحجار المستخدمة في البناء، لأنها غيبت الشكل القديم، فلا يستطيع المرء التفرقة إن كان المبنى شيد بالصخور أو بالطابوق الأسمنتي.

وأيد مواطنون وجاهة فكرة إزالة جميع المباني المحيطة بالقيصرية من أجل إعطائها السمة السياحية المطلوبة من خلال إحاطتها بشوارع تخدمها من جميع الجهات، إضافة إلى توفير مواقف تتناسب والحجم المرتقب للمتسوقين.

مؤكدين على ضرورة احتواء السوق على ساحة يستفاد منها في إقامة الفعاليات الشعبية لجذب السياح، ووضع بصمة للسوق تتذكرها الأجيال القادمة، إضافة إلى ضرورة وضع معرض دائم فيها يحوي صور القيصرية القديمة وأسواق الأحساء الشعبية لتكون أحد رموز الجذب السياحي في الأحساء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد