هل يعقل أن تكون السيارة المجاورة لك تحت سيطرة امرأة؟.
طبعاً لا، لا لهذا الاحتمال، لكن حين نسافر لدولة خليجية ننظر لهذه التجربة على أنها حالة طارئة، وبالفعل فإن قيادة المرأة للسيارة حالة طارئة واستثنائية في كل دول العالم إلا هنا!.
أحياناً في شوارع الرياض، تفكر إن كانت تلك السيارة التي أمامك وتتحرك ببط وتمايل تقودها امرأة، سيدة أو حتى امرأة بلغت سن اليأس، لكن سرعان ما تطرد الأفكار المظللة، لتتذكر أننا في البلد الوحيد الذي لا تقود فيه أنثى مهما بلغت، ومهما تكن جنسيتها سيارة أو دبابة مصفحة. وحين أشاهدهن محشورات في المقعد الخلفي، ويصدرن التعليمات، أشعر مؤقتاً أنهن غير مندمجات مع هذه المركبة الأجنبية، والسائق الأجنبي القادم من أبعد قرية في الشرق أو أدغال إفريقيا المسيطر على هذه السيارات الفارهة أو المتواضعة.
فكرت.. هل يمكن أن تصمم شركة، سيارات خاصة بالمرأة تشبه سيارات الهمر المصفحة ضد الرصاص والضوء والصوت؟ هل يمكن أن تصمم سيارات مغلقة بالكامل يمكن لسائقتها أن تتحدث مع العالم الخارجي عبر مكبر صوت أو هاتف؟.
ماذا لو اكتملت فكرة السائق الآلي - الحاسب - الذي يقود السيارة ويوجهها، هل سيسمح للمرأة بالخلوة مع السائق الآلي كما تفعل مع السائق البنغالي؟!
هل يمكن للمرأة أن تقود عند الضرورة في النهار وتحت الشمس فقط؟.
هل طرقاتنا جديرة أو مؤهلة للتعامل مع قيادة المرأة، كما هو الحال مع غمزات ولمزات إشارات المرور؟!.
كل ما سبق لا يهم، قيادة المرأة للسيارة ليست قضية، ولا تستحق النقاش والبحث، المشكلة تتمثل في فكرة خروج المرأة للحياة العامة والمشاركة، وهو نفس السبب الذي خلق معارضة شديدة لمدارس البنات، ثم عمل المرأة في مراحل سابقة، وحسم الأمر بحق الاختيار لمن أراد ذلك لأهله وبناته، واليوم لا تتوقف الشفاعات لمعالجات طلبات التوظيف والالتحاق بالبعثات الخارجية للمواطنة السعودية.
كنت في زيارة قريبة إلى قطر، حيث آخر دولة خليجية سماحاً للمرأة بالقيادة، وجدت بين كل مئة سيارة، واحدة تقودها امرأة، سألت عن ذلك، أخبروني (أن السماح بقيادة السيارة حديث مقارنة بالعالم، وجاء بهدف إتاحة الفرصة لمحتاجين وضيوف الدولة المقيمين، إضافة إلى جعل قيادة المرأة للسيارة خياراً متاحاً لمن تحتاج وترغب، ومن لا تريد أو لا يريد ولي أمرها، فإنها ليست مجبرة أبداً حتى على مغادرة سور منزلها).
إلى لقاء