فنان تشكيلي متميز من منطقة جازان، هذه المنطقة الغالية التي أنجبت ولا تزال تنجب العديد من المبدعين في كافة مجالات الإبداع الإنساني وأطياف الثقافة المختلفة في الأدب والشعر والإعلام والفنون.. تميز هذا التشكيلي الغائب برهافة الحسن، ومنذ مراحل زمالة الدراسة في معهد التربية الفنية بالرياض كنت ألحظ كما يلحظ غيري تميز هذا الأسمراني النحيل الذي كان لا يفارق أدواته ووسائطه، حتى في ساعات الإجازة والراحة تجده منشغلا بالفن، لفت الأنظار بمستواه وتمكنه منذ البدايات، وشد اهتمام معلميه الكبار في مجال التصور الزيتي ولمع نجمه منذ التحاقه بالمعهد، وكانت أعماله محط أنظار معلميه وزملائه في الدراسة؛ فقد كان شغوفاً بالمدرسة السريالية بكل أبعادها ومعطياتها. جاءت سعة الخيال وعمق الأفق والجسارة التي يتحلى بها خليل منذ البداية لتكون خير معين له على التألق والإبداع، وتكون جسراً من خلاله يصل إلى حضوره المبكر، إضافة إلى قدرته الهائلة في تطويع اللون والسيطرة عليه بما مكّنه أيضاً من طرح فضاءات لونية غير عادية. واصل هذا المتألق الحضور الجيد؛ فقد كانت له مشاركات في معارض البدايات التي كانت تتولاها الرئاسة العامة لرعاية الشباب في التسعينيات الهجرية عندما كانت تستعين بنتاج طلاب المعهد أيامها، واستطاع أن يحقق العديد من الجوائز المتقدمة، بل إنه فرض اسمه في ظل وجود أسماء تشكيلية عريقة تسبقه عمراً وخبرة، لكنه الإبداع الذي لا يعرف السن أو الخبرة.. تناول خليل البحر والشواطئ الرملية والمقاهي ومعطيات الحياة البسيطة في بيئة (جازان)، ووظف كل العناصر والأشكال التي تخدم الفكرة بما مكّنه من الحضور اللافت للنظر. تواصل خليل مع موهبته وقدّم أعمالاً ومنجزات فنية تميزت بالنضوج والتقنية العالية؛ ما جعله يفرض اسمه كواحد من التشكيليين البارزين، لكنه وكغيره من المبدعين تعرض لهزات نقدية جائرة وحملة تشكيك واتهامات لا تستند إلى دليل؛ فقد جاءت بعض الكتابات المتدثرة بعباءة النقد بنتائج سليبة على نفسية خليل؛ ما حد من طموحه وأصابه بالوهن وأدى إلى انحسار حماسة وعدم ثقته بالساحة ومنظريها، وبالتالي قلّ عطاؤه وندر حتى وصل إلى التوقف، وانزوى في بيئته الخاصة، وابتعد عن الحضور بشكل تام.
افتقدت الساحة خليل حسن خليل وحضوره الجمالي، وإنه لمن المؤلم حقاً أن تفتقد الساحة التشكيلية مبدعاً تشكيلياً بحجم قدرات وإمكانيات خليل، لكنه النقد الجارح الذي يخرج في أحيان كثيرة عن النص ويتعدى إلى مسارات وفضاءات بعيدة كل البُعد عن الحكاية. إنها رسالة محبة إلى الأخوة الأعزاء في هذا المسار الجمالي سواء كانوا نقاداً أو متذوقين بوعي أن يمارسوا أدوارهم النقدية والتنويرية إن وجدت وفق مسارات نحو المنجز نفسه بعيداً عن منعطفات الأهواء والمزاج، وأن يظل النقد هادفاً ونقياً؛ حتى تكون المنظومة التشكيلية لدينا تسير وفق بيئات ومناخات واعية بما يمكّن التشكيليين وغيرهم من المبدعين من مواصلة عطاءاتهم المختلفة وفق أجواء صحية تساعد على مواصلة الإبداع والتجلي.. أما أنت يا خليل فإن الساحة لا تزال بحاجة ماسة إلى عودتك إلى عشقك الكبير، وأن تعود كما عهدناك فناناً مسكوناً بكل معاني الحب والجمال شكراً لكم أنتم.
sada_art@hotmail.com