Al Jazirah NewsPaper Friday  15/05/2009 G Issue 13378
الجمعة 20 جمادى الأول 1430   العدد  13378
اهيب بقومي
تلميع الأحياء على حساب الأموات
فائز موسى الحربي

 

من السلوكيات غير المقبولة في هذه الأيام ما يقوم به بعض مراسلي صحفنا المحلية من ممارسة للشللية الصحفية الواضحة حتى لو كان ذلك على حساب المصابين والموتى في حوادث السيارات أو الحرائق أو الغرق أو غير ذلك، وكأنهم يبحثون عن الحوادث والكوارث من أجل الحصول على سبق صحفي لا يخلو من السعي إلى تحقيق بعض المكاسب الشخصية للصحفي أو لمعارفه من المسؤولين!

وتتمثل تلك الممارسة الخاطئة في قيام المراسل بصياغة الخبر الصحفي بطريقة موجهة لخدمة القياديين والمسؤولين في الأجهزة الرسمية ذات العلاقة بالحادث قبل أن تهدف إلى خدمة ضحايا تلك الحوادث. ومن أجل هذا الغرض فقد أصبحت صياغة الخبر شبه جاهزة تبدأ بالإخبار عن الحادث وتنتهي بإبراز دور المسؤول الفلاني أو الضابط العلاني في مباشرة الحادث والقيام بما يلزم، حتى وإن كان ذلك لم يحدث مطلقاً أو حدث بصورة لا تخلو من التأخير والتقصير!!

أعرف حادثة سيارة وقعت مؤخراً لقريب لي توفي- رحمه الله- في سيارته وسط محاولات بائسة من الجمهور ومن المسعفين لإخراجه من السيارة التي تعذر إخراجه منها بسبب تحطم السيارة على سائقها، وبسبب تأخر وصول فرقة الدفاع المدني لأكثر من 40 دقيقة.. وقد يكون لهم عذرهم ونحن نلوم.

وفي اليوم التالي وإذا بأحد المراسلين الصحفيين ينشر خبر الحادث وصورة السيارة المحطمة؛ مفيداً أن الدفاع المدني بقيادة الضابط الفلاني باشر الحادث فوراً، وأن المرور قام بمباشرة الحادث برئاسة المقدم فلان والنقيب علان؛ في حين أن الحادث لم يحضره أي رجل مرور من ذوي الرتب التي تقع فوق رتبة عريف.. أما الدفاع المدني فلم يحضر إلا بعد أن لفظ السائق أنفاسه بعد أكثر من أربعين دقيقة كان خلالها يتنفس بصعوبة ودماؤه تنزف بغزارة، والمسعفون لا يستطيعون فعل شيء لعجزهم عن إخراجه من حطام السيارة..

إن إيراد الخبر بهذه الصيغة ينم عن غياب الرسالة الصحفية، ويفتقر إلى الأمانة والمهنية التي يتطلبها العمل الصحفي الذي يضطلع برسالة أسمى من تلميع فلان وتمجيد علان من المسؤولين الذين لا أشك بأن هدفهم الأول هو خدمة المواطن وليس التباهي بإنجازات على الورق.

إن مثل هذا الأسلوب لا ينطوي على عدم الدقة في نقل الخبر وحسب لكنه ممارسة مكشوفة للنفاق الاجتماعي، ومجاملة المسؤولين، وتلميع الأحياء على حساب الأموات دون احترام للحقيقة، ودون مراعاة لشعور ذوي المصاب أو المتوفى.

كم هو مؤلم أن يعاني المصاب أو ذووه من تأخر الجهات ذات العلاقة في مباشرة الحادث، ثم يفاجأ في اليوم التالي بخبر مثل الخبر السابق يبالغ في تضخيم الإنجازات، ويقلب الحقائق، ويرصع الخبر بأسماء مسؤولين كانوا بعيدين عن ميدان الحادث، وقد يكون لهم العذر في ذلك لأن الحادث وقع خارج وقت الدوام الرسمي أو أن المسافة بعيدة بين موقع الحادث وموقع الجهة ذات العلاقة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد