لقد سمعت الكثير منذ فترة طويلة عن كتاب الحداوي للأمير الشاعر محمد الأحمد السديري - رحمه الله -، وهو كتاب أدبي تاريخي شامل يحتوي على أحديات الفرسان التي ينشدونها على صهوات جيادهم، وهي أهازيج تُقال على ظهور الجياد عند بدء المعارك في ميادين الوغى، وقد سرَّتني الأخبار التي توالت بقرب صدوره، فأخذت أترقب صدوره بلهف وشوق حتى فاجأتنا جريدة الجزيرة الغراء وفي صفحة وراق الجزيرة بخبر صدوره قبل عدة أيام.
|
وقد بحثت عنه فور قراءتي للخبر حتى وجدته في المكتبات.
|
والكتاب الذي أسماه مؤلفه الأمير محمد الأحمد السديري ب(الحداوي: هكذا يقول الأجداد على صهوات الجياد) يتألف من جزءين، وقد أثار إعجابي الكثير من محتوياته لشموله على كثير من الأحديات النادرة التي لم أسمع بها من قبل، علماً أني اطلعت على الكثير من الكتب المماثلة له، إلا أني لم أجد ضالتي سوى بهذا الكتاب القيّم، ولولا حفظ هذا الكتاب لهذه الأحديات لاندثرت كما اندثر غيرها، وضاعت برحيل رواتها.
|
إن الكتاب في مجمل مواضيعه ذو قيمة أدبية وتاريخية واجتماعية كبيرة ولا سيما للقارئ الشغوف بماضي أجداده ووطنه.. لقد كتب عن تراثنا الكثير من إخواننا العرب إلا أنهم لم يعطوا الموضوع حقه بسبب بعدهم وعدم إلمامهم بالكثير من أدبنا وتقاليدنا.
|
لقد مضى على وفاة مؤلف كتاب الحداوي ما يقارب الثلاثين عاماً، وتسرَّب من محتوياته الكثير في كتب أحد الأشخاص وكان اطلع على كتاب السديري، إلا أنه بالمقارنة يتبين لنا عدم دقة النقل، وتبينت لنا الحقيقة ناصعة بعد نشر كتاب الحداوي كاملاً.
|
يضم كتاب السديري بين محتوياته أكثر من ألف أحدية من أهازيج أبناء الجزيرة العربية بدون استثناء ناهيك عن أهازيج أبناء العراق والشام والأردن.. حقبة من تاريخ الجزيرة العربية أهملها الكثير من المؤرخين ووجدناها في هذا الكتاب الجدير بأن يطلع عليه أبناؤنا كي يستخلصوا منه العبر مما مر به أجدادهم من شظف العيش وقساوة الحياة الصحراوية وتكبد المشاق، التي لم تفت عزائمهم ولم تثنهم عن دروب الرجولة والتضحية والبطولات، بل أنضجهم ذلك الزمان، وشمخوا كشموخه ورسموا لأنفسهم طرف المروءة والكرم والشهامة، فهم رجال يستحقون الإشادة بهم.. إن أمة ليس لها ماض تفتخر به ليس لها حاضر تعتز به.
|
إنني أشكر أبناء المؤلف زيد ويزيد السديري على جهودهم وحرصهم على إخراج هذا الكتاب إلى حيز الوجود ووضعه بين يدي القارىء المتعطش لمثل هذا الأدب.. كما أشكر محقق كتاب الحداوي الأستاذ سليمان بن محمد الحديثي الذي أعطى هذا الكتاب الكثير من الجهد وذلك بجمع تعليقاته وهوامشه وشرح الكثير من المفردات اللغوية.. وإلى إصدارات أخرى تثري المكتبة الشعبية. وأخيراً أقول: أليس الأجدر بنا وبأبناء المؤلف من باب الوفاء والتقدير تكريم الأمير محمد الأحمد السديري هذا الرجل النبيل، والشاعر الكبير، والأديب الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل جمع مادة هذا الكتاب من صدور الرواة، الذين هم تحت الجنادل الآن، ولولا جهود هذا الرجل لاندثر الكثير من تاريخ بلادنا وأدبنا مع اندثار رواته.
|
ختاماً تذكروا أنه هو القائل:
|
ليا خاب ظني بالرفيق الموالي |
مالي مشاريه على نايد الناس |
أحمد بن سليمان المطيري |
|
|