أحياناً يكون أكثر الناس نقدا للآخرين هم الأقل عملا، والأكثر عملا هم الأكثر تعرضا للنقد، ولا ينتقد إلا من يعمل، ومن لا يعمل لا ينتقد، ومن جلس بعيدا عن الواجهة والموجهة الثقافية والاجتماعية فلن تصيبه من سهام النقد؛ لأنه وببساطة شديدة ربما لم يقدم شيئا، وهناك من الناقدين -وللأسف من يكون نقدهم لأسباب شخصية- بأن تكون علاقتهم مع المنقود ليست على ما يرام (!) لأسباب قد تكون علمية أحياناً، ولا يستبعد أن تكون هذه الأسباب شخصية في أحيان أخرى، وقد تكون الأسباب موغلة في الخصوصية ولا تهم المتابع (سواء كان قارئا أو مشاهدا أو مستمعا) من قريب أو بعيد، ولو التفت مدير المركز البحثي أو الناشر أو الإعلامي لكثير مما يأتيه من النقد لما نشر إلا القليل من الكتب والمقالات والأبحاث.
أحدهم يقولها بكل صراحة: أنا اعرف فلان الذي كتب المقال الفلاني ليس هو من كتب، بل يكتب له آخرون، والآخر يقول: إن فلانا المذكور في المقال دفع مالا أو قدم خدمة لأجل أن تلمع شخصيته وتبرز في المقالات أو عبر قصائد الشعراء أو في بطون الكتب، وهكذا يتوالى النقد غير الموضوعي.
النقد جزء مهم من العملية الإبداعية، لكن يجب أن لا يكون المعول الذي يقضى به على العلمية الإبداعية، ونحطم به كاتبا في أولى خطواته، أو ناشطا ثقافيا أو اجتماعيا قد يجعله النقد غير الموضوعي يبتعد عن الساحة.
كثيراً ما تأتي أسئلة لي أو لغيري من الزملاء عن تسليط الإعلام -والصحافة تحديداً- الحديث عن شخصيات ثقافية أدبية أو شعرية أو تراثية أكثر من غيرها ؟!
وهذا سؤال مشروع - بل مطلوب - متى ما كان في حدود المراقبة والمتابعة للمشهد الإعلامي، ومتى ما كان السؤال موضوعيا يقصد منه الاستفسار والمناقشة،لا المعاكسة والمشاغبة !.
لكن: لماذا لا نواجه هذا السؤال بسؤال مشروع ومطلوب أيضاً: هذا الشخص الذي تابعته وأثنت عليه الصحافة أو وسائل الإعلام (أو هو بحث عنها ويحق له ذلك) هل يقدم شيئا ذا قيمة يخدم به المشهد الوطني أم لا؟ أم أن تقديمه في وسائل الإعلام جاء على حساب آخرين أقدر منه؟.
أترك الحكم للقارئ المتابع والمنصف، فالمضوع له أن يختلف الناس حوله ويختصموا!
للتواصل: فاكس - 2092858
Tyty88@gawab.com