تعجبت من بعض الشعراء أشد العجب حينما علمت أنهم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون وخاصة شعراء الرعيل الأول ومجموعة من المخضرمين حتى من الجيل التالي وإن كانوا قلة ومع هذا لديهم ثقافة شعرية عالية كأنهم تعلموها من أساتذة وحصلوا عليها من الكتب ويحملون أعلى الشهادات في الأدب. وهذا يتضح لنا جلياً من خلال قراءة نماذج لأشعارهم، ومن يتأمل في قصائد بعضهم دون تسمية يجد الكلمات العجيبة والغريبة التي يتصور البعض حينما يجدها في القصائد أن أصحابها لديهم ثقافة عالية في الشعر ويحملون شهادة عالية المستوى ولسان الحال يقول: كيف أميون ولهذه القصائد الجميلة يكتبون وفيها يبدعون؟! فسبحان من أعطاهم هذه الموهبة دون علم تعلموه، وأوصلهم لمكانة عالية في الأدب وهم أميون حتى صار للبعض منهم مدارس في الشعر! وقد اطلعت على نصوص أدبية لبعض هؤلاء فوجدت فيها جمال الأسلوب وحسن السبك وروعة النظم ومعاني سامية قلما تجدها في قصائد الحاصلين على الشهادات الدراسية في شتى المجالات مستغرباً ذلك منهم في ظل جهلهم، وإبداعهم هذا باعتقادي سببه تجارب الحياة ولوعاتها ومخالطتهم للبعض والفطرة التي فطرها عليهم بارئهم، ومحافظتهم على الأصالة كلمة وتعاملاً وعادات وتقاليداً، فهم منذ صغرهم وهم يحبون الشعر ويميلون له ويحرصون على مجالس الرجال التي ينهلون منها كل جميل من الكلام بالإضافة إلى قوة الحافظة لديهم التي تعينهم على جمع مخزون كبير من الكلمات والأبيات الجميلة حتى أن البعض منهم منذ أول وهلة يسمع فيها القصيدة يحفظها، ومن أراد حقيقة الشعر الفريد فاليعد لكلامهم وما جادوا به من قصائد فيها أحلى المعاني وأجمل الأقوال لينهل منها ويتعلم الدروس الأدبية التي قلما توجد في غيرها من قصائد الشعراء الآخرين ممن يحملون الشهادات العالية من بعض الشعراء، والله من وراء القصد.
صالح بن عبد الله الزرير التميمي
abuabdulh58@hotmail.com