Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/05/2009 G Issue 13373
الأحد 15 جمادى الأول 1430   العدد  13373
شيء من
إيران وإسرائيل والسلاح الذري
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

تتردد في الأوساط السياسية العربية هذه الأيام مقولة مؤداها: (إذا كان مبرر الاعتراض على المفاعل النووي الإيراني الخوف من السلاح النووي، فيجب أن تكون البداية من إسرائيل لأنها الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط). هذا المبرر لا يمكن قبوله على الإطلاق؛ وجود السلاح الذري عند الإسرائيليين، لا يبرر إطلاقاً أن نقبل تملّك الإيرانيين لهذا السلاح؛ معنى ذلك أن المنطقة ستكون بين مطرقة السلاح الذري الإسرائيلي من جهة، وسندان السلاح الذري الإيراني من جهة أخرى.

بالنسبة للمملكة ودول الخليج فإن كل المؤشرات التي بين أيدينا تؤكّد أن الخطر الفارسي هو الأقرب جغرافياً من إسرائيل. الإسرائيليون أعداء، لا يختلف معنا في ذلك إلا القلة القليلة التي لا وزن لها، أما الإيرانيون، فإن لهم بين ظهرانينا طابوراً خامساً يعمل بكل فعالية وجهد وتفان لخدمة إيران، وتحقيق أهدافها، سواء من المتطرفين الشيعة، أو حلفائهم جماعة (الإخوان المسلمين). هؤلاء استخدمتهم إيران في السابق، وما زالت تستخدمهم، للنفاذ إلى النسيج الوطني لدول المنطقة، الأمر الذي يعني في النتيجة أنها ستفرض أجندتها السياسية والتوسعية وخدمة أهدافها ومصالحها على حساب مصالحنا، وسيكون السلاح الذري سيفاً مصلتاً على رؤوسنا، الأمر الذي سيضع المنطقة برمتها فوق فوهة بركان فيما لو سمحنا لإيران بتملّك هذا السلاح.

إيران دولة محض طائفية، يحكمها (كهنوت) شيعي مغرق في الماضوية، يعمل تماماً كما كانت تعمل الكنسية في أوج نفوذها وقوتها السياسية في العصور الوسطى، إلى درجة أن رئيس إيران محمود أحمدي نجاد قال في كلمة له ألقاها في مدينة شيراز مؤخراً إنه تحدث مع مَن أسماه (صاحب الزمان الإمام المهدي) القابع حسب العقيدة الشيعية منذ أكثر من ألف عام في مخبئه، وطلب منه أن يسانده لكي ينتصر على خصومه في معاركه السياسية، وأنه (ممتن) لأن المهدي المنتظر يلبي رغباته!

رجل يتعامل بهذا المنطق، وهذه الأساطير، وهذه العقلية الخرافية، ماذا سيكون وضعه وتصرفاته لو امتلك السلاح الذري؟

ومن يراقب المنطقة يخلص إلى حقيقة مؤداها أن الإيرانيين لديهم أجندة سياسة للهيمنة على دول المنطقة، ابتداءً من احتلالهم للجزر الإماراتية، وتهديدهم باحتلال البحرين، وتدخلهم مباشرة في الشأن الداخلي العراقي، وعملهم الدؤوب لنشر مذهبهم الإثني عشري خارج إيران، وبالذات في منطقة إفريقيا، وإطباقهم على قرار حماس والتحكم فيه وتوجيهه في الداخل الفلسطيني، وخليتهم (الحركية) التابعة لحزب الله التي انكشفت مؤخراً في مصر، ودعمهم (الحوثيين والقاعدة) في اليمن كما يؤكّد اليمنيون، بل وصلت تدخلاتهم إلى المغرب، الذي بادر بحزم وقوة إلى قطع العلاقة مع إيران.

النقطة الثانية في هذا السياق والذي أجد أن كثيراً من العرب، وبالذات القوميون، أو من ينادون بالوحدة العربية، يتجاوزنها سكوتهم عن احتلال إيران للأحواز. والسؤال: أليست الأحواز جزءاً (سليباً) من أرض العرب تم احتلاله من الفرس بمساعدة الإنجليز، فما الذي كمّم الأفواه عن هذا الجزء العربي المحتل، في حين تم التركيز فقط على فلسطين المحتلة؟

أن تمتلك دولة الملالي في إيران السلاح الذري يعني أن تصبح هي وإسرائيل الدولتين اللتين تتجاذبان النفوذ في منطقتنا، ولا أحتاج إلى استشراف واقع المنطقة في ظل هذا الوضع المخيف. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد