منطقة الخليج تقع في بؤرة الصراع الدَّولي؛ ولهذا تمرُّ بها أزمات كثيرة لا تجد بداً من التعامل معها بسبب موقعها العميق من الأحداث السياسية والاقتصادية الكبرى التي تدور في المنطقة وما حولها.
هنالك مراكز نفوذٍ كبيرة تتحرك في المنطقة العربية والإسلامية بصورة واضحة لا بد أن يكون لدول الخليج موقف واضح منها، ونظرة استراتيجية في التعامل معها دون تنازل عن الثوابت المرتبطة بالإسلام والقيم المنبثقة منه، والبنية الاجتماعية المنضبطة بضوابطه؟
منطقة الخليج مستهدفة بصورة معلنة من مراكز النفوذ الدولي، تتجاذبها أطراف متعددة، ويحاول كل مركز منها أنْ يحظى بنصيب الأسد في هذا التجاذب، فالنفوذ الأمريكي بما له من وجود اقتصادي وسياسي وعسكري من جانب، والنفوذ الأوروبي بما له من علاقات تاريخية ببعض دول المنطقة العربية وأطماع معاصرة من جانب آخر، والنفوذ اليهودي المتطرف المتمثل في الدولة التي تسمى بإسرائيل بما له من حضور عسكري واستيطاني وتفاوضي مع بعض دول المنطقة من جانب ثالث، والنفوذ الإيراني الذي يفرض نفسه عسكريا وسياسيا وإعلاميا وثقافيا بصورة أوضح من كل الصور وبخطوات تلفت النظر من جانب رابع، كل هذه المراكز تتجاذب منطقة الخليج تجاذبا ظاهرا، ويؤكد لنا جميعا صعوبة الموقف وضرورة التكاتف الواعي الذي يقوم على أسس قويةٍ من ثوابت الدين الإسلامي لا تقبل التنازل أو الاختلاف عليها، ولا تقبل الاجتهادات الفردية التي قد تؤدي بالمنطقة إلى ما لا تحمد عقباه من المواقف والأحداث.
الضعيف لا مكان له في سياسة العالم، والمستسلم يجني على نفسه وعلى أمته، والمجاري لخطط الأعداء مجاراة من يسكِّن الألم دون معالجةٍ لمصدره يسوق وطنه إلى الهاوية.
بالرغم من كل التنازلات التي حدثت في بعض المجتمعات العربية والخليجية على حساب الدين والحقِّ الثابت، فإنَّ مراكز النفوذ العالمي لا تزال تنظر إلى المتنازلين بمنظار الطمع من جانب، وبمنظار عدم الثقة في قدراتهم من جانبٍ آخر، ولم يعد خافياً علينا جميعاً ما يذاع ويعلن على الملأ من رغبة مراكز النفوذ الكبرى في التقارب مع إيران برغم الخلافات العميقة بينهم وبينها، وهو تقارب قد يلقي بالمتنازلين والمتابعين المستسلمين على قارعة الطريق، بل قد يضر بمصالحهم وأمنهم واستقرار بلادهم. إننا في منطقة الخليج نملك - بفضل الله - عوامل قوةٍ لا يستهان بها، ديناً، وإنساناً، واقتصاداً، وقيماً وأخلاقاً، وهذه العوامل، إذا قام التكاتف عليها، ورسمت من خلالها الخطط الاستراتيجية شكّلت قوةً حقيقية لا يمكن لمراكز النفوذ أن تستهين بها أبدا. ولو لم يكن في أيدينا إلا (الوقوف مع الحقِّ الواضح) للعرب والمسلمين، هذا الحق المهضوم عالميا، لكفى به قوة لنا، ونصرا وتأييدا من الله سبحانه وتعالى الذي جرت ولا تزال تجري سننه في هذا الكون، بنصر صاحب الحق، وهزيمة الظالم المكابر مهما تطاول أو طال به زمن الإمهال.
إن منطقة الخليج تعيش أصعب مراحل استقرارها وأمنها، فلا مناص من وجوب التكاتف وحسن التعامل مع المرحلة حتى لا يجرفها طوفان النفوذ العالمي المتصارع بما له من دراسات وخطط استراتيجية أصبحت واضحة للجميع.
إشارة:
إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.