Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/05/2009 G Issue 13373
الأحد 15 جمادى الأول 1430   العدد  13373
ممر
حجة البابا...
ناصر الصرامي

 

أتذكر إلى وقت قريب كيف كنا نجيد مراقبة الأشياء والتدقيق في الأشكال من حولنا للبحث عن نجمة داود أو صليب المسيح، بالشكل أو الشبهة، ومن يستطيع أن يكشف عن شكل هندسي يقترب من شكل النجمة السداسية أو يشبه الصليب بأشكاله وأطرافه المختلفة، وحتى الاقتراب من علامة الزائد+ في الرياضيات أو تحريف أحد أطرافها فإن هذا جدير بتسجيل انتصار كبير للمكتشف المسلم الحديث! والمشغول عقله بهذه الرموز دون أي محاولة لاستهلاك طاقة الفكر والعقل من أجل المساهمة في إنتاج شيء مفيد للبشرية.

ظل التركيز على الأشكال والرموز المشبوهة نوعاً من تحقيق انتصارات قاصرة ومؤقتة وشكلية ليس إلا، وقد تبادر صحيفة إلى نشر هذا الكشف. فيما نتذكر ساعة أبو صليب التي كانت رمزاً لوضع اجتماعي ما نتيجة سعرها وتوفرها، لكن هذا الرمز منع من الاستيراد، فيما كان بعض الطلبة يتأكدون من عدم تطابق مثلثين فوق بعضهما صدفة أو عن عمد حتى أصبحنا نشك بالأشكال وحركة الضوء وانعكاسه.

أفكارنا البسيطة، أو تلك التي كتب لها أن تسيطر علينا، كانت تشل وتشغل الكثير من طاقتنا وفكرنا في العالمين العربي والإسلامي، وتلك كانت أول خطوات ومراحل التعصب وإلغاء التسامح وفرض ثقافة العنف ضد الآخر في محاولة مستمرة لاجترار تاريخ بشري متنافس ومختلف ومتخلف في أجزاء من مشاهده وصراعاته.

اليوم يحج البابا بنديكتوس السادس عشر إلى الشرق الأوسط، وسط تغطية إعلامية دولية غير مسبوقة، ويصلي للسلام والمحبة، والمظاهر التي نقلتها شاشات العالم مباشرة تعطي إشارة مهمة على دور بالغ الأهمية لوسائل الإعلام والاتصال من أجل إبراز فكر التسامح ولقاء الحضارات، حيث تلاقي الأديان يصبح واقعاً بالغ الأهمية ومتجسداً في الرموز الدينية التي تلتقي هذا العام بشكل ظاهر وغير مسبوق في التاريخ البشري، فمنذ إطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة سعودية عالمية لحوار الحضارات من أهم وأكبر منبر أممي وكوني بنيويورك، وزيارته الشهيرة إلى االفاتيكان، ومؤتمر مدريد، تواصلت واستمرت المظاهر العلنية في خطوة الألف ميل نحو التوافق والسلام العالمي.

البابا نفسه قال إن (حرية المعتقد حق إنساني أساسي) وعبر عن احترامه (الشديد للعالم الإسلامي). وقال البابا في كلمة بعد وصوله عمان إن (زيارتي إلى الأردن تمنحني فرصة للحديث عن عميق احترامي للمجتمع الإسلامي).

ومع انتشار المظاهر الاحتفالية في الشوارع الأردنية ترفض الحركات الإسلامية هذه الزيارة وتعلن مقاطعتها. وهذ أمر متوقع من جماعات متشددة عاشت على الصراعات وتغذت جماهيرياً من المواجهات الصوتية والدامية، ولها دور واحد تجيده وتستثمره بامتياز في تغذية الصراعات على حساب الحياة البشرية والحرية والسلام.

إلى لقاء..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد