Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/05/2009 G Issue 13373
الأحد 15 جمادى الأول 1430   العدد  13373

السياحة على الأنقاض
د. موسى بن عيسى العويس

 

حتى ولو لم يكن الإنسان معايشاً لبعض مراحل النشأة والتكوين والتطوير لهذه البلاد يؤذيه كما يؤذي غيره مشاهد الحياء التراثية القديمة والعريقة حين تتحول إلى خرائب وأطلال، أو تمتد إليها أيادي غير مسؤولة فتعمل على هدمها وإزالتها وطمسها من الخريطة،..

وكأنها منكر من المنكرات، أو أثراً من الآثار التي يخشى تقديسها، أو التبرك بها. كل هذا حدث ويحدث في بعض المدن والمحافظات، في ظل غياب عين الرقيب المسؤول، وتجاهل ما يسمى بالمجالس البلدية أو المحلية لهذا الموضوع، أو إقصائهم عن مناقشتها على طاولات المجالس.

* مدن المملكة العربية السعودية ومحافظاتها غنية بتراث معماري نادر الوجود، يكشف أسرار الزمن الماضي، ويتكلّم باسم المكان الصامت. تراث يحكي قصة الكفاح للأفراد والجماعات، يصور مظاهر العزيمة والإصرار لدى الآباء والأجداد الذين أسهموا في توحيد هذه البلاد، وشاركوا في بناء نهضتها.

* لو أخذنا محافظة (الزلفي) كنموذج لإحدى المحافظات الجميلة في موقعها، الجاذبة في مناخها لوجدنا المواقع الأثرية تتعدد فيها وتتنوع، وتنم عن تاريخ غني وثري بالأحداث، مع ذلك لم يلتفت إليها -مع ما حولها من المحافظات- إلا في وقت متأخر من (هيئة السياحة والآثار)، ولا ندري هل ستستطيع أن تتدارك (الهيئة) على جهودها بعض المواقع التراثية والأثرية، أم ستستكمل عوامل الهدم والإزالة لهذه المنازل وإحالتها إلى أسواق للماشية، ومغاسل للموتى، أو ساحات لبيع الأعلاف، أو توسعة لبعض المرافق، أو إنشاء الدور والجمعيات الخيرية.

* إن لم يُعق (الهيئة) هذه العوامل فلديهم فيما وقفت عليه خطة طموحة وثّابة ومتكاملة للمنطقة تشمل (الزلفي، وسدير، والمجمعة، والغاط). تلك الخطط والبرامج التي يقودها ويشرف عليها الأمير (سلطان بن سلمان) سيجعل منها عامل جذب واستثمار، وبخاصة أنها في مسار جغرافي واحد، تتشابه ظروفه، اجتماعياً واقتصادياً.

* في كثير من المدن والمحافظات إن لم تتدارك مجالسها ورجال أعمالها هذا الموضوع ستفقد مع مرور الزمن جزءاً من تاريخها العريق، وماضيها المشرق، وسيظل ذلك مجرد أحاديث يلوكها الرواة، في الأماسي، والمجالس، والمنتديات، وقد تنتهي بموت المعاصرين والمعايشين، ولن تغني المقومات السياحية الأخرى مهما كانت، ومهما نالها من اهتمام.

(من التراث)

* لا أدري، هل كان ذلك الشاعر الذي جاب هذه البيئات تنبأ بهذا المصير القاتم لبعض الآثار، فراح يعطي وصفاً كلياً لمنطقته، أو قريته وقتئذٍ، خشية أن تكون الرسوم والآثار الدقيقة قد اندرست، أوحوربت بعد أن تنكّر لها من تنكّر من سكانها، ليقول من مجاهل الغربة:

أظن ما يحتاج نوصف لك الدار

موقف طويقٍ حي هاك الديارا

شرقيها ضلعٍ كما المزن ظهّار

وغربيّها من نايفات الزبارا

* هذان المَعلمان الشامخان ترى سيقاومان عوامل التغيير، أم ستلحق بغيرها؟ ولله الأمر من قبل ومن بعدُ. ا-هـ

dr_alawees@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد