عطست الخنازير في المكسيك.. فارتجفت لعطاسها البشرية في أدنى المعمورة وأقصاها! هكذا تحولت الخنازير فجأة إلى مادة إعلامية، فالإنفلونزا المنسوبة لها جعلتها محط الأضواء، وظهرت الدراسات والإحصاءات العالمية عن الخنازير، وأنواعها، وسلالاتها، والأمراض التي تصيبها،
ونشبت خلافات في بعض الدول حول إبادة الخنازير بسبب الإنفلونزا أو تركها خشية الضغوط من جمعيات الرفق بالحيوان!
وتطورت (الهوجة) فجاءت الأخبار من كندا تشير لوضع أول خارطة جينية لإنفلونزا الخنازير، مبشرة بإمكانية إنتاج لقاح ضد الفيروس قطعاً لدابره!
ثم تناقلت الأنباء الخلافات العلمية حول صحة الإنفلونزا، وهل يتم انتقالها من الخنازير للإنسان فقط، أم أن الإنسان يمكن أن يكون ناقلاً لها إلى بقية الناس؟
السيناريوهات المشابهة كثيرة، فمن قبل عشنا أوبئة (جنون البقر)، وحمى الوادي المتصدع، وإنفلونزا الطيور، والمحصلة النهائية أن المسافة الصحية بين الإنسان والحيوان ضاقت، لتصبح أمراض الحيوانات أكثر قدرة على الانتقال للإنسان، وليصبح الإنسان نفسه قادراً على تحوير هذه الأمراض ليكون ناقلاً لها وليس مجرد متلق للإصابة بها.
كنا نسمع من قبل بأمراض محددة تنتقل من الحيوان للإنسان، وكان من أبرزها الدودة الشريطية والحمى المالطية والسعار، لكن خريطة الأمراض المنتقلة للإنسان باتت الآن أكثر اتساعاً، رغم أن العلم يحث الخطى لملاحقة هذه الأمراض وتحجيمها قبل أن يتسع الفتق على الراتق!
وما دامت أصابع الاتهام تشير باستمرار للحيوان كمصدر للأمراض، فإن هذا يعني - بشكل أو بآخر- أن هناك مواجهة ستحدث بين الإنسان والحيوان، وسيصبح هناك توجس من الحيوانات مهما تباعدت المسافة بيننا وبينها، فلن نستبعد مثلاً حدوث وباء بمسمى حمى الضفادع، ولا نستبعد السماع بمرض اسمه إنفلونزا التماسيح!
وإذا اشتعلت الحرب فستكون من طرف واحد، فالحيوانات لا قبل لها بوحشية البشر وقدرات الإبادة الشاملة عندهم، لكن البشر ليسوا معتوهين، فسيحسبونها (صح)، لأنهم يعرفون أن إبادة الحيوانات تعني إبادة التوازن البيئي والغذائي في الأرض، وهذا ما لا يمكن أن يتورط فيه بنو آدم الأذكياء!
المتوقع أن تستعر الحرب ولكن بشكل بارد، حيث يستمر الناس في اتهام الحيوان بنقل الأمراض، في حين يبقى نوع من التنسيق والتعاون بين الطرفين إكراماً للأفواه البشرية التي لا تستغني عن البلع والالتهام!
shatarabi@hotmail.com