بعصبية ملفتة للنظر هز صديقي صحيفة بيده منفعلا ومرددا عبارة (ليتهم يسرقوا لوحاتي) فاجأني هذا الانفعال في وقت كنت فيه أمعن النظر بإحدى اللوحات الصينية التي علقت في مقهى أصبح الملتقى الوحيد لنا، سألته عن الموضوع فقرأ نصف الخبر الذي جاء فيه: إن لصوصا مسلحين سرقوا لوحتين من متحف هولندي إحداهما قطعة فنية رسمها الفنان السريالي الاسباني سلفادور دالي. وقالت الشرطة في بيان إن عدة لصوص مسلحين دخلوا متحف شيرينجا للفنون الواقعية في قرية سبانبروك الواقعة في شمال أمستردام منتصف نهار أمس تقريبا وأخذوا لوحتين من الحائط حيث هددوا العاملين في المتحف بمسدس.
واللوحتان المسروقتان هما واحدة رسمها دالي في 1941م وتحمل اسم (المراهقة) والأخرى تعرف باسم (الموسيقية) والتي أبدعتها رسامة فن الديكور البولندية تامارا دي ليمبيكا في 1929م ويمتلك المتحف الهولندي هاتين اللوحتين.
انتهى الخبر الذي كنت أعتقد أن لوحة (المراهقة) هي السبب في انفعال صديقي خوفا عليها من أولئك اللصوص مع أنها لوحة وليست حقيقية فاكتشفت أن ما أغضبه هو سرقة هؤلاء اللصوص لفنان معروف لا يحتاج إلى الشهرة عكس ما يعيشه هذا الصديق ولوحاته من ظلم، كما يقول وإجحاف وتجاهل المقتنين وتهميش الإعلام العالمي له، فأصبحت لوحاته عبئا كبيراً عليه وعلى عائلته التي أخذت تتنازل عن غرف بيته واحدة تلو الأخرى لتكون مستودعا لتلك اللوحات لكثرتها، إلى أن وصل الأمر حدود المطبخ وغرف النوم لتي دافعت الأم وأبناءها عنها بقوة لا تخلو من نية الاستنجاد بجمعيات حقوق الأسرة.
قالها بكل حسرة (ليت هؤلاء اللصوص يسرقوا لوحاتي) ليصبح لها قيمة ويلتفت إليها الآخرون بدلاً من أن يسرقوا أسطوانات الغاز أو أجهزة الجوال متبعا عباراته تلك بوعد اللصوص أنه لن يبلغ عنهم كائنا من كان بل سيكون لهم من الشاكرين.
مختتما بوحه الممزوج بالألم قائلا.. أتدري أن سرقة هؤلاء اللصوص للوحات دليل على امتلاكهم ذائقة رفيعة وفهم لإبداعنا، وهذا يجعلني أغض الطرف لو منحوني هذه الفرصة لكسب الشهرة.
الحقيقة أنني تعاطفت مع هذا الصديق وتمنيت أن أعرف عنوانا للصوص لأبعث لهم بعنوان بيته ومرسمه.
MONIF@HOT MAIL.COM