تظهر في حياة الشباب عديد من المشكلات التي تستدعي التحدث عنها ومناقشتها لفهم أبعادها ومسبباتها وتأثيراتها على الشباب والشابات.
وإحدى هذه المشكلات هي ظاهرة التمرد التي تظهر في حياة الشباب والمنطلقة من الشعور بالقوة والتحدي وضرورة...
...التغيير والتي تتجه اتجاهين متناقضين؛ اتجاه سلبي ضار وهدام واتجاه إيجابي مُغير يساهم في تطوير المجتمع والدفاع عن مصالحه. جاء ذلك في أحد المواقع على الشبكة المعلوماتية حول قراءة في عالم الشباب، ويشير إلى أن ظاهرة التمرد السلبي التي تنشأ في أوساط المراهقين والشباب هي من أعقد المشاكل التي تواجه الأسر والمجتمعات. وللتمرد السلبي أو التمرد على ما ينبغي الالتزام به من عقيدة سليمة وقوانين وقيم أسبابه الذاتية والموضوعية التي ينبغي دراستها للتعامل معها بوعي وتخطيط ويشير الكاتب أن ظاهرة التمرد في أوساط المراهقين ظاهرة خطيرة على الفرد والأسرة والمجتمع وتبدأ ظاهرة التمرد في أحضان الأسرة وذلك برفض أوامر الوالدين أو تقاليد الأسرة السليمة وعدم التقيد بها عن تحد وإصرار ثم التمرد على الحياة المدرسية وإطاعة القوانين المرعية في قاعة الدرس وحرم المدرسة والعلاقة مع الطلبة والأساتذة ويأتي معها في هذه المرحلة التمرد على القانون والمجتمع والسلطة بشقيه السلبي والإيجابي.
وبحسب الموقع فإنه جاء في إحصائية أجريت عام 1970م أن نسبة 20% من شباب المجتمع الفرنسي تحت عمر الثلاثين، ونسبة 30% من الرجال تحت عمر الأربعين اشتركوا في مظاهرات مايو 1968م في فرنسا. وقد تبين من تحليل هذه الظاهرة أن الجيل الأصفر من أفراد المجتمع سرعان ما يتحد من خلال أي شكل من أشكال التمرد الموحد ضد النظام القائم، إلا أنه وجد من خلال دراسات أخرى أنه لا يمكن تعميم هذه النتيجة ويذكر الكاتب أن للتمرد أسبابه التي تبعث عليه وتغذيه ومن أبرزها ممارسة بعض الآباء للدكتاتورية في التعامل مع الأبناء ومصادرة إرادتهم والإكثار من منعهم من غير موجب مشروع للمنع فالأب لا يغير طريقة تعامله مع المراهقين والشاب ويظل يتعامل معه كما يتعامل مع الطفل الذي لا يملك وعياً ولا إرادة من خلال الأوامر والنواهي والتدخل في شؤون الأبناء كشؤون الدراسة والزواج والعمل والحياة اليومية والصرف المالي بل ونوع اللباس، مما يضطر بعض الأبناء إلى التمرد والرفض وعدم الانصياع لآراء الآباء وأوامرهم فتحدث المشاكل وتنعقد العلاقة فيما بينهم وقد تنتهي إلى نتائج سيئة من التشرد وسقوط الاحترام المتبادل والخروج من بيت الأسرة وقد تناول الفكر الإسلامي هذه المسألة بالدراسة والبحث والتوجيه لتحصل الطاعة والاحترام بين الطرفين فقد فرق الفكر الإسلامي بين بر الوالدين وبين الطاعة لهما كما فرق بين الإرشاد والتوجيه والتربية وبين فرص الإرادة على الأبناء والإملاء عليهم. وأوجب الفقه الإسلامي بر الآباء ولم يوجب الطاعة بغير طاعة الله.
إن واجب الآباء هو إرشاد أبنائهم إلى الطريق السوي وتجنيبهم ما يضر بحاضرهم ومستقبلهم انطلاقاً من المسؤولية الشرعية فواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوسل بكل الوسائل السليمة للحيلولة دون فشلهم في الحياة وعليهم أن يُفهموا الأبناء أن المنطلق للمعارضة لإرادة الأبناء وبعض اختيارهم إنما هو لصالحهم وعليهم أن يوضحوا ذلك بالنصيحة وبالتي هي أحسن ويحولوا دون الوقوع في الانحراف والتورط بالمشاكل والممارسات السيئة. وإن من الخطأ أن يحاول الآباء أن يفرضوا على الأبناء قناعاتهم ونمط تفكيرهم وطريقة حياتهم الخاصة التي ليس لها مبرر مشروع بل لمجرد الألفة والاعتياد الاجتماعي فتصطدم بما يحمله الأبناء من تطلعات واهتمامات وما يفرضه العصر من أوضاع وطريقة خاصة للحياة.
من جانب آخر فإن توعية الأبناء وتربيتهم على حب الوالدين واحترامهم والاستماع إلى نصائحهم منذ الطفولة وتحاشي التمرد عليهم مسألة مهمة فتربية الطفل وتعريفه بحقوق الوالدين وأدب التعامل معهما بالقول والتصرف هي من الأسباب المساعدة على حل مشكلة التمرد، ولظروف البيئة العائلية لا سيما العلاقة بين الأبوين والاحترام المتبادل بينهما أو العلاقة السيئة التي تكثر فيها المشاكسة والعصيان والمشاكل أثرها البالغ في تعميق أو معالجة هذه المشكلة.
هذه الأمور جميعها تستدعي محاولة فهم مراحل التغير التي يمر بها الشباب فهي مراحل سلوكية نفسية ينبغي على الأسر تفهمها، كما ينبغي نشر الوعي حولها، ويستدعي ذلك أيضاً استمرارية البحث والدراسة مع المراكز البحثية والتعاون مع الأسر فيما يتعلق بفهم خصائص الشباب والشابات وتلبية متطلباتهم واستغلالهم في عمليات التنمية الاجتماعية وعلى رب العالمين الاتكال.