الرياض - «الجزيرة»:
أكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أهمية الدور الذي تضطلع به الجامعات والمدارس والمعاهد العلمية في مواجهة ظاهرة ابتزاز الفتيات بوصفها تحتضن آلاف الطلاب والطالبات الذين يقضون ساعات طويلة في رحابها.
واستعرض سماحته - خلال كلمة ألقاها في افتتاح الندوة التي نظمها نادي القانون بكلية الأنظمة والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود بالرياض أمس حول (ابتزاز الفتيات) استعرض الآيات والأحاديث الواردة في تكريم الإسلام للمرأة وصيانة كرامتها ومن ذلك منعها من السفر بدون محرم ومنع الخلوة غير الشرعية وغض البصر ومنعها من الخضوع بالقول والنهي عن التبرج وارتداء الحجاب.
ودعا سماحة المفتي الفتيات اللائي يتعرضن لهذا النوع من الابتزاز إلى ضرورة مقاومة أولئك المفسدين وإبلاغ الجهات المعنية وحذرهن من الاتصالات الهاتفية المشبوهة وعدم الاستجابة لها والانسياق بمعسول القول من الرجال الأجانب بالنسبة لها، كما وجه نصيحته للمبتزين بضرورة الالتزام بتقوى الله عز وجل، وعدم الانسياق وراء شهواتهم ورغباتهم فإنه كما تدين تدان.
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ (إن على الفتاة أن لا تجعل وسيلة الاتصال بالاستماع لهذا وذاك، فكم من رجال يقتنصون المرأة ويبتزون كرامتها من خلال هذه الاتصالات المشبوهة التي يرون فيها عقد علاقة مع امرأة أجنبية عنهم لا قرابة تربطهم ولكنهم والله هم دعاة السوء، أيتها المسلمة كوني على حذر فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن أول فساد في بني إسرائيل كان في النساء، وعلى الفتاة أن تمسك نفسها وتعرض عن الاتصال الذي لا ينفع وعندما ترى اتصالات مشبوهة فليكن موقفها عدم المبالاة حيث إن هذه الاتصالات لا خير فيها حيث يأتي صاحبها بغية التعرف للزواج، وللتعرف مع الزواج أبوابه الخاصة تؤتى الأمور من أبوابها وليس من وراء ذلك شيء).
وأضاف سماحته: (أيتها الفتاة المسلمة كم من الناس يغوون الفتيات بالاتصال على أرقام الهاتف، وكم يعدون ويمنون حتى إذا وقعت المرأة في الفريسة تأخروا عنها، وكم من امرأة انساقت وراء قول ظن الصدق فيه، وإذا هم فئات أفسدوا عرضها وأهانوا كرامتها وشوهوا سمعتها، أناس لا خير فيهم فلتتقي المسلمة ربها، فالواجب عليها أن تقف من هذه التعديات موقف الصلب الذي لا يتساهل أمام المظاهر الخداعة، كما أن على الفرد المسلم أن يتقي الله في نفسه وأن يحذر من إفساد الغير ويعلم أنه إذا أفسد غيره فإن الله سيسلط عليه، فإن أفسد نساء آخرين فإن الله قادر أن يريه في نفسه مثل ما فعل بالفتيات).
ودعا سماحة مفتي عام المملكة المسلمات والمسلمين إلى التحلي بالصدق والأمانة وقال: (يجب أن نكون أهل دين وإخلاص والتحلي بالصدق والأمانة، إن الزواج الشرعي شرعه الله لما فيه من الراحة في النفس وغض البصر وعمار البيت، إن الشباب والفتيات على مستوى من المسؤولية في المحافظة على الأعراض والقيم فالأمة إذا حافظت على أخلاقها عادت بعزة وكرامة، إن بعض أبناء المسلمين هداهم الله ممن تلوثت أفكارهم يريدون أن تكون المرأة المسلمة لا دين لها ولا حشمة ولا خلق لها ولا تمسك لها في دين ومروءة، يريدونها امرأة سافرة تمشي وتسافر وحدها وتعاشر من تشاء وتتصل على من تشاء لتعمل صداقات مع من تشاء وكل هذا خطر عظيم ومن يدعو إلى هذا الفكر فإنما يدعو إلى فتح باب الشر على مصراعيه وهدم القيم والأخلاق).
وأضاف سماحته يقول: إن المسلم يسعى جاهدا فيما يعود على نفسه وعلى مجتمعه وأمته بالخير والصلاح، {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}، ومن صفات المسلم أنه آمر بالمعروف ناه عن المنكر لكونه من أفراد هذه الأمة المحمدية، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، وشدد سماحته على ضرورة أن يكون للجامعات نصيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال: (إن على القائمين على التعليم في الجامعات أن يتحلوا بهذه الصفة الكريمة - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس بما يظنه البعض أنه العقوبة والأذى لا، بل هو الإصلاح والتوجيه والنصيحة وإزالة الشر ودرء المفاسد في كل ما يحيط بها فالآمر بالمعروف إنما يهمه النظر في الأشياء الظاهرة في الشوارع والطرقات، لكن المعلم والمعلمة في الجامعة والمدرسة يعيشون مع الطلاب ساعات عديدة فلهم دور في ترشيد الطلاب من وسائل الشر فإنه بتوفيق من الله يتحقق جانبا عظيما ويسهم في مجتمع كريم).
وسأل الله عز وجل أن يحفظ الجميع بالإسلام وأن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل سوء وأن يبقي على هذا البلد ما هي عليه من دين وقيم وأمن وأخلاق واستقامة وأن يصلح ولاة أمرنا وأن يصلح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني ويوفقهم الله لما يحب ويرضاه.
وكان معالي مدير جامعة الملك سعود قد افتتح الندوة بكلمة أوضح فيها أن هذه الندوة تأتي بهدف مناقشة ظاهرة مقلقة للمجتمع مؤكداً أن هدف الجامعة من عقدها يتخطى الدور العلمي والأكاديمي إلى دور أرحب تلامس فيه الجامعة نسيج المجتمع وتتلمس قضاياه إعمالاً لواجبها تجاه المجتمع والبحث عن حل ناجع لمشكلاته.
ودعا معاليه مؤسسات التعليم إلى التفاعل مع محيطها وألا تبقى محصورة ومنعزلة داخل أسوارها بل يجب أن يتجاور دورها الأكاديمي مع دورها المجتمعي، وقال: (إن مناقشة هذه القضية يعد شكلاً من أشكال الشجاعة الثقافية في التصدي للظواهر المجتمعية إذ إن ادعاء المثالية دون مبرر تكريس للمساوئ المسكوت عنها والتي يجب التصدي لها حتى لا تنمو وتترعرع تعلقاً بمثالية متوهمة).
ووصف الدكتور العثمان ظاهرة ابتزاز الفتيات بالمقيتة التي لا تنسجم مع الطابع العام للمجتمع السعودي ولذلك ستظل في نطاق ضيق، معربا عن الأمل في أن يتوصل المشاركون في الندوة إلى توصيات وحلول عملية تسهم في تطهير مجتمعنا من هذا الداء ليصبح صفحة من الماضي.
حضر افتتاح الندوة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض الشيخ عبد الله الشثري وعدد من الأساتذة والطلاب في الجامعة، كما نقل الافتتاح إلى الطالبات عن طريق الدائرة التليفزيونية المغلقة.