تحدثت في المقالة السابقة عن أبي الغشناش النهشلي أحد صعاليك العرب وذؤبائها و(ملاّصها)، وكان يقطع الطريق بين الحجاز والشام ثم يعود إلى نجد ليوزع غنائمه من التجار البخلاء إلى أبناء قبيلته الفقراء.
|
وكان لا يتعرض للمرأة والطفل والرجل الكهل، وهذه من أهم مبادئ الصعاليك، بل إنه ذات مرة سألته زوجته عن سبب ارتحالاته وتسكعه في البراري الفساح، فكان أن قال لها هذه القصيدة الخالدة في أدبنا العربي القديم:
|
وسائلة أين الرحيل وسائل |
من يسأل الصعلوك أين مذاهبه |
مذاهبه أن الفجاج عريضة |
إذا ضن عنه بالنوال أقاربه |
فللموت خير للفتى من حياته |
(عديماً) ومن مولى تدبّ عقاربه |
ودويه قفرا يحاربها الردى |
سرت بأبي النشناش ليلاً ركائبه |
ليدرك ثأراً أو يفوز بمغنمٍ |
إلاّ أن هذا الدهر تترى عجائبه |
وقد نسب بعض النقاد والدارسين هذه القصيدة إلى (عروه بن الورد) أمير الصعاليك، ولكن البيت الذي حسم المسألة هو قوله (سرت بأبي النشناش ليلاً ركائبه)، وأبو النشناش النهشلي يُعتبر من أروع الشعراء الصعاليك المجيدين فهو الذي قال:
|
أكرر طرفي نجو نجد وأنثني |
إليه وإن لم يدك الطرف انظر |
حنيناً إلى أرضٍ كأن ترابها |
إذا أقطرت عود مسك وعنبر |
بلاد كأن الأقحوان بروضة |
ونور الاقاحي وشي برد محبر |
|