الجزيرة - وليد العبدالهادي:
قضى الريال السعودي سنين طويلة مارس فيها العديد من الأدوار التقليدية كبقية العملات العالمية حيث كان وما يزال وسيلة للتبادل والمقايضة للسلع والخدمات يتم عبرها انتقال الملكية بين الأفراد والمنظمات، ويلعب دورا في قياس القيمة وذلك بتسعير القيمة السوقية للمنتجات المتداولة وغير المتداولة، وتعد العملات بما فيها الريال السعودي مخزنا للقيمة بدلا من تقويم المال بسلع قابلة وغير قابلة للتخزين قد تجعلها عرضة لانخفاض قيمتها الحقيقية أو تلفها.
والظاهرة التي يندر حدوثها في الاقتصاد السعودي أن يكون الريال وعاءً مضاربياً، كما كان منذ 2006م وحتى نهاية 2008م والسبب في هذا السلوك ناجم من أن الفرصة البديلة لم تكن مستعدة بشكل ملائم لعرض النقود المفاجئ والمتنامي داخل الاقتصاد وبالتالي فإن الأسهم السعودية أثبتت بانهيارها 2006م أنها ليست المكان المناسب للسيولة وعليه لم تتضح أي معالم فرص لأصول متداولة سريعة يمكن اللجوء لها، ومنذ ذلك الحين ورأس المال الجبان يخشى من الدخول في سوق الأسهم مخافة الانخفاض المستمر في السوق، وفي نفس الوقت نجد أن الدولار الأمريكي بدأ رحلة الهبوط منذ 2000م واشتدت بشكل أسرع ولافت مطلع 2007م بعد انخفاضه من مستوى 87 أمام سلة من العملات، حيث فقد من قيمته 19% ولحق به الريال السعودي أيضاً.
حينها بدأت المضاربات تغزو الريال السعودي من باب فروقات أسعار الفائدة بين الدولار والريال، وإذا وضعنا معدل إعادة الشراء المعاكس الذي يتعلق بالبنوك ومؤسسة النقد جانباً وتحدثنا عن معدل اتفاقية إعادة الشراء وهي الفائدة ما بين البنوك وعملائها نجد أن رالي خفض الفائدة على الدولار وبالتالي الريال بدأ يتسارع منذ منتصف 2007م وبشكل كان الريبو فيه متباطئاً مما فتح الباب لعمليات مضاربة على سعر الفائدة بين الدولار والريال في آجال قصيرة.
ومع ظهور الأزمة المالية العالمية للسطح بدأ السباق نحو الفائدة الصفرية بشكل متزامن بين العملتين وتم تعزيزهما بخفض الاحتياطي النظامي لودائع البنوك دعماً للعجلة الاقتصادية وارتفع معدل عرض النقد إلى 15.6% على الرغم من تراجع التضخم إلى 6%. وبمتابعة دقيقة لمسلسل السياسات النقدية وتداعيات الأزمة المالية يمكن القول: إن هذه الأزمة وضعت حداً لتلك المضاربات ومهدت الطريق أمام السيولة لاقتلاع الأصول من قيعانها. حيث يتضح من الرسم البياني (المرفق) بأنه منذ 2003م ومع نمو الناتج المحلي الإجمالي بدأ عرض النقود يتزايد ومع ذلك كانت أسعار الفائدة ترافق الصعود بشكل غير منطقي وبعد انهيار سوق الأسهم 2006م بدأت أسعار الفائدة بالهبوط لكن استمر عرض النقود في صعوده مما يوحي بأن التضخم لم تنته فصوله بعد وسيعطي إشارته الأولى للأسواق المالية والسبب الرئيس هو أن سلة البدائل الاستثمارية في الاقتصاد الوطني لا تزال من الوزن الخفيف.