Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/05/2009 G Issue 13368
الثلاثاء 10 جمادى الأول 1430   العدد  13368
خليج جوانتانامو داري
أويبك جمال الدين جاباروف

 

خليج جوانتانامو - أكتب إليكم هذا من مركز الاعتقال التابع للولايات المتحدة في خليج جوانتانامو، حيث ظللت محتجزاً دون توجيه أي اتهام لي لمدة تقرب من السبعة أعوام الآن.

كان احتجازي هنا نتيجة لوجودي في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب. ومنذ أكثر من عامين أخطرت بصدور قرار بتبرئتي والإفراج عني. والحقيقة أنني كنت لأشعر بسعادة غامرة إزاء ذلك الخبر لو لم أكن من أوزبكستان، وهي الدولة صاحبة أسوأ سجل فيما يتصل بحقوق الإنسان على مستوى العالم. وهذا يعني أنني لن أكون آمناً على الإطلاق بالعودة إلى دياري.

بدأت رحلتي إلى جوانتانامو في ديسمبر - كانون الأول 1998م، بعد أن أنهيت خدمتي الإلزامية في الجيش الأوزبكي. إن أوزبكستان، وهي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، دولة فقيرة وفرص العمل بها محدودة. وبعد عدة أشهر من السعي وراء فرصة عمل، انضممت إلى أخي في مشروع تجاري لشراء وبيع التفاح وعسل النحل وغير ذلك من السلع في طاجيكستان المجاورة. ولقد عشت هناك بين الجالية الأوزبكية، حيث التقيت بزوجتي فاطمة، وهي مواطنة أوزبكية أيضاً. ثم رزقنا بطفل، وأتت أمي من أوزبكستان لتنضم إلينا.

ومن المؤسف أن بعض أهل طاجيكستان لم يعجبهم وجود حفنة من الأوزبكيين يعيشون في بلدهم. لذا ففي أحد أيام شهر نوفمبر - تشرين الثاني 1999م اعتقلت السلطات في طاجيكستان حوالي مائتين إلى ثلاثمائة أوزبكي، وكنت بينهم، وزعمت أنها ستعيدنا إلى أوزبكستان، ولكنها بدلاً من ذلك ألقت بنا في أفغانستان. وهناك التقينا بمجموعة من الأفغان من أصل أوزبكي الذين ساعدونا في الاستقرار في مزار شريف. وهناك بدأت العمل كبائع جائل بين البلدات أبيع حليب الماعز والدجاج والديكة والغنم.

وفي خريف عام 2001م، عندما اندلع القتال بين طالبان والتحالف الشمالي، لم أتمكن من السفر وتقطعت بي السبل عند أحد المقاهي على جانب الطريق لعدة أسابيع. وذات يوم أتى بعض جنود التحالف الشمالي إلى المقهى وعرضوا عليّ اصطحابي معهم في سيارتهم إلى مزار شريف. ولكنهم بدلاً من ذلك ساقوني إلى قاعدة باجرام الجوية حيث سلموني إلى الأمريكيين المتمركزين هناك. ثم اكتشفت لاحقاً أن الأمريكيين كانوا يعرضون مكافآت تبلغ عدة آلاف من الدولارات لمن يأتيهم بأحد المنتمين إلى طالبان أو أحد (المقاتلين الأجانب).

في البداية كنت سعيداً لكوني بين أيدي الأمريكيين. وكنت آنذاك احترم الولايات المتحدة وتصورت أنها مسألة وقت فقط قبل أن يدرك الأمريكيون أنني بريء ويطلقون سراحي. ولكنهم لم يفعلوا، بل احتجزوني في باجرام، ثم في قندهار، ثم أخيراً في خليج جوانتانامو.

الآن بات الأمريكيون يدركون أنني انتهى بي الأمر هنا عن طريق الخطأ، وأخبروني بأنهم يريدون الإفراج عني. ولكن إلى أين أستطيع أن أذهب؟ لقد زارني أفراد من جهاز الأمن الأوزبكي هنا في خليج جوانتانامو واتهموني بالانتماء إلى عضوية الحركة الإسلامية في أوزبكستان. وحين قلت لهم: إنني لا أعرف أي شيء عن هذه الجماعة أنذروني بأنهم سوف يرغمونني على التعاون حين أصبح في عهدتهم.

ليس من الصعب أن أتخيل السبل التي يعتزمون اللجوء إليها لإرغامي على التعاون. إن الضرب والتعذيب وغير ذلك من أشكال الإساءة للمعتقلين الأوزبكيين من الأمور الشائعة على نطاق واسع في أوزبكستان. وفي بعض الأحيان قد لا تسمع أبداً عن أشخاص بعد اعتقال السلطات الأوزبكية لهم.

لست وحدي في هذه المعضلة، فأنا واحد من بين عدة عشرات من المعتقلين في جوانتانامو الذين لا يستطيعون العودة إلى أوطانهم خوفاً من احتمالات خضوعهم للتعذيب وسوء المعاملة، وهي الاحتمالات التي تكاد تكون مؤكدة. وأملنا الوحيد في حال خروجنا من هذا السجن أن تقرر دولة أخرى توفير الملاذ الأمن للرجال من أمثالنا الرجال الذين لم يرتكبوا أي جريمة وما كان ينبغي لهم أن يحتجزوا هنا قط في المقام الأول.

أويبك جمال الدين جاباروف (31 عاماً) أحد المحتجزين في مركز اعتقال خليج جوانتانامو. ولقد كتب أويبك هذه المقالة بمساعدة مايكل ئي. مون الذي يعمل لدى شركة المحاماة Esdaile, Barrett الجزيرة Esdaile في بوسطن.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2009
www.project-syndicate.org
خاص «الجزيرة»



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد