«الجزيرة» - الرياض
التقى معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس مجلس الدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أمس السبت السابع من شهر جمادى الأولى الجاري 1430هـ بالدعاة المشاركين في دورة إعداد الدعاة الخامسة التي ينظمها معهد الأئمة والخطباء في مقره في الرياض.
وقد وجّه معاليه خلال اللقاء كلمة استهلها.. حامداً الله تعالى على أن منّ على الجميع بهذه النعمة وهي سلوك سبيل الدعوة إلى الله تعالى، وقال: إن أعظم شرف نشرف به أن نكون معه - صلى الله عليه وسلم - على هذا السبيل، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، مشيراً إلى أن هذا السبيل هو سبيل الدعوة إلى بصيرة، لذلك من منّةَ الله بأن كان من أهل إبلاغ هذا الدين إما بالعلم النافع كصنيع طلبة العلم، أو بالدعوة لإبلاغ ما علمه الداعية، أو بالمواعظ بتحريك مراقبة الله - عزّ وجلّ - ورؤية الآخرة في النفوس عبر المواعظ، وتذكير الناس بما أوجب الله من فرائض وما فرضه وحده من حدود، ونهى عنه من مناهي، هذه كلها هي سبيل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيرها من التأليف، والكتابة، والمشاركة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأبان معالي الشيخ صالح آل الشيخ أن البصيرة في الدعوة، وفي العلم، والعمل تلازم الإنسان في موطنين، الموطن الأول موطن الأداء حين يُبلغ الناس كلمة الله تعالى، والموطن الثاني تلازمه بعد الأداء استغفاراً وإنابة لله - جلّ وعلا - من القصور ثم تصحيحاً لما يكون قد قصر فيه، أو غلط فيه، موضحاً أنه ليس من شرط الدعوة، والوعظ، والإرشاد أن يكون طالب العلم على علم كثير أو علم كامل فمن علم شيئاً من دين الله بلغه، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع (نظر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعي من سامع) وهذا يحصل فإن الواعظ،والداعية ربما قال كلاماً هو عنده ليس بذي واقع كبير لكنه حرك في النفوس شيء كثير أو بعض النفوس فيأتي من يتوب، ويأتي من ينيب، ويأتي من يلتزم الطريق، ويأتي من يحرص على الخير لكن هذا كله مشروط بالإخلاص والبصيرة.
وشدد معاليه على أهمية اتباع المنهج الشرعي في الدعوة إلى الله، وكذلك الأسلوب الحسن الشرعي كما ورد في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وقال معاليه: هذه قاعدة الدعوة أن نتعاون على البر والخير والتقوى، وهذا محمد - عليه السلام - جاء به، وألا نتعاون على الإثم والعدوان فإننا نرده ونرد من جاء به، وهكذا ينتشر الخير ويكثر الالتزام بالسنة.
وأبان معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ أن الداعية في أول طريقه بين وهم وحقيقة، أما الحقيقة فهي أن سلك هذا السبيل يريد أن يعظ الناس، هذه أصبحت حقيقة، وهو أنه إذا قال كلاماً سيُقبل أو أنه سيؤثر، أو أنه سيحرك الناس، هذه أوهام؛ لذلك القدوة والانتماء لنبي الرحمة - عليه الصلاة والسلام -، فهو قدوتنا وإمامنا في كل سبيل، قال الله - جل وعلا له في شأن الدعوة: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَا}{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}
واستطرد معاليه قائلاً: إذاً هذا الطريق ليس طريق حزن، الحزن لا مجال له في الدعوة، الذي يشعر من نفسه أنه يحزن على الأوضاع، ويحزن على دخول الناس في كذا وكذا، ويحزن، ويحزن سوف يكون لها تأثير سلبي غير طيب في دعوته، فالداعية يكون أمامه الفأل أنه سيبذل ما يستطيع ولا يحزن، ويؤثر في الناس، ويترك التأثير والنفع بيد الله - جل وعلا -؛ لهذا قال الله تعالى لنبيه:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ}، فإذاً هذا الطريق لا يصلح لأهل الحزن من الناس وإنما يصلح للمتفائلين، فالمتفائل يعطيه التفاؤل في حسن عرض الموضوعات، والقرب من الناس، وحسن الظن بالله - جل وعلا - أولاً ثم حسن الظن بالتأثير بالكلام، والمواصلة وعدم اليأس.