عرف المجتمع السعودي (الاستراحات) إبان ظهور الصحوة، وهو التيار الذي أحدث تغييراً بائناً في المجتمع السعودي وبدأ نشاطه في أحواش مسورة على حواف المدن يجتمع فيها أبناء التيار الجديد ويبثون أفكارهم للناشئة بعيداً عن الأعين.. ورويداً رويداً أصبحت متنفساً للاسرة ثم للمدارس والرحلات وكسبت الصفة المقبولة اجتماعياً سريعاً ووضعت فيها (الدشوش) مع بداية رواجها ورواج الفتاوى بتحريمها، فأصبحت الأسر تشاهد الفضائيات في الاستراحات بينما ظلت البيوت محافظة على وقارها..
** زادت سطوة (الاستراحة) في ثقافة المجتمع السعودي فأصبحت (البيت الثاني) للرجل والمنتزه للأسرة في نهاية الأسبوع وسحبت البساط من الحدائق العامة والمنتزهات المفتوحة وزادت من انغلاق الأسرة السعودية وتقوقعها وقلّت الرحلات للبر والتخييم وأصبحت الجدران الإسمنتية التي تحوط الاستراحات هي الوجاء والملجأ.
** كل الأشياء المغلقة مخيفة وخطرها أكبر بكثير من المكان المفتوح للهواء والشمس، تحولت بعض الاستراحات إلى أوكار لصناعة الخمور ومشاهدة القنوات الإباحية، وأبواب الاستراحات المغلقة تخفي خلفها الكثير في ظل عدم خضوع هذه الاستراحات لوزارة أو جهة معينة تنظم الدخول فيها واستئجارها وتتأكد من هويات الداخلين فيها.. وبينما لم تحصل المرأة على حق الإقامة إلا أخيراً في الفنادق التي تخضع لنظام وزارة السياحة والتجارة وهي تعد مكاناً مفتوحاً مقارنة بالاستراحة فإن الاستراحات لا تخضع لمثل هذه القوانين، ولك أن تعبئ وانيت (غنم) أو (نساء) وتدخل بهن من بوابات الاستراحات المقبولة اجتماعياً لأن أسوارها عالية وغرفها موصدة وهذا هو الأهم!. وكل مغلق لدينا مقدس حتى لو ملأه العفن..!!!
** فتحت اليوم علينا (الاستراحات) باباً جديداً من الشائعات فكل من أراد أن يشنع على أحد أو فئة ليربطه بحكايات من الخيال عليه بالاستراحات وعوالمها الغاضمة من خمور ونساء وأفلام إباحية وسهرات وحشيش.. فهي بيئة خصبة ومقبولة لنسج كل الحكايات والتلفيقات!!
** لابد من إعادة تنظيم صارم للاستراحات ولا بد أن تخضع لمقاييس ومعايير في حالة (تأجيرها) وتعدد الداخلين إليها وتكون خاضعة لاشتراطات صارمة، ولا بد من توعية المجتمع بأهمية المكان المفتوح والنزهة الجماعية لأفراد الأسرة والبعد عن الملاحق المنزلية والاستراحات الخاصة التي تعزل الزوج عن زوجته والابن عن أبيه وأهله وأسرته.. لا بد من العناية بمنتزهات المدن العامة.. حتى لا يصبح الرجل كائناً غريباً عن النساء حتى عن أخواته وأمه فيعاملهن بجفوة وقسوة لأنه لم يعتد على وجودهن في حياته وتصبح الأخوات والأم غريبات عن الأب والاخوان كل يعيش عزلته بفعل ماذا؟.. بفعل عزلة الاستراحات وأبوابها الموصدة.. وهل لك اليوم أن تسأل عن زوج أو أخ أو أب إلا وتأتيك الإجابة.. في الاستراحة!!!
fatemh2007@hotmail.com