مكتب الجزيرة - بيروت - سوزان الداعوق
يُمثِّل رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري في الكثير من المناسبات.. هو رأس حربة في قوى 14 آذار.. يوصف بأنه (مدافع شرس عن كرامة العاصمة بيروت وأهلها) ولا سيما بعد أحداث السابع من أيار.. إنه المرشح عن المقعد السني في دائرة بيروت الثالثة النائب عمار حوري، الآتي من عالم طب الأسنان إلى عالم السياسة نائباً في العام 2000 حيث بدأ مشواره السياسي مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. وبعد اغتيال الحريري الأب، تابع حوري طريقه مع سعد الحريري، ليُنتخب نائباً عن بيروت للمرة الثانية في العام 2005م.
هذا العام وفي انتظار أن يعلن تيار المستقبل لوائحه في الدوائر الثلاث في بيروت، يكشف المرشح عمار حوري في حوار خاص أجرته معه صحيفة الجزيرة، أن اللمسات الأخيرة تتم معالجتها من قبل النائب الحريري وأن إعلان اللوائح بات قريباً جداً.
وفيما اجمع مؤتمر الدوحة على الاتفاق على التزكية في دائرة بيروت الثانية، تبقى الأنظار متجهة لمعرفة التشكيلة النهائية في الدائرة الثالثة، بالرغم من أن مقاعدها العشرة مضمونة لتيار المستقبل وحلفائه، بحيث يغلب الصوت المسلم السني المؤيد بأغلبيته لهذا التيار.. الأمر الذي يدفع البعض إلى التساؤل عن جدوى التزاحم في هذه الدائرة عند الفريق الآخر والاختلاف بين فرقائه لجهة أسماء المرشحين، فيما الفوز مضمون للأكثرية.. ومع ذلك يبقى الجميع في انتظار إعلان النائب سعد الحريري للوائح.
وفيما يلي نص الحوار مع النائب عمار حوري:
* بداية، نسأل عن قضية إطلاق الضباط الأربعة وموجة الفعل وردود الفعل.. فهل ترك الضباط سيؤثر على الانتخابات النيابية المقبلة، وهل سينعكس سلباً على جماهير قوى 14 آذار؟
- إطلاق سراح الضباط الأربعة يؤكد مرة أخرى موقف النائب سعد الحريري وموقف تيار المستقبل وقوى الأغلبية بتأييد كل ما يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولم ولن نغير هذا الموقف.. إطلاق سراح الضباط أكد عدم تسييس المحكمة واستقلاليتها، ومدى الشفافية التي يتمتع بها فريقنا.
أما انعكاس ذلك على جمهور قوى 14 آذار، فهذا الجمهور متشوق لمعرفة الحقيقة والوصول إلى العدالة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. ولعل أهم ما قيل ليس قرار قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرنسين.. إنما المذكرة التفسيرية التي أصدرها مدعي عام المحكمة دانيال بلمار، قبيل صدور القرار، التي قال فيها إن القضية ليست قضية الضباط الأربعة القضية، بل هي قضية جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. وقال بشكل واضح إنه لو لم يكن واثقاً بإمكانية الوصول إلى نتائج إيجابية وواضحة لما وافق على الاستمرار بهكذا ملف.
* قوى 8 آذار اعتبرت أن قضية إخلاء سبيل الضباط هي قضيتها، كما اعتبرت أنها ربحت معركة في وجه الفريق الآخر.. كيف تفسر حضرة النائب هذا الاستثمار السياسي لموضوع الضباط؟
- يُفترض أن لا علاقة لموضوع الضباط بالشأن الانتخابي.. والمؤسف، أن الفريق الآخر كان يتهمنا بتسييس هذا الملف، فإذا به هو من يسيس بداية ويحاول أن يقيم النشاطات السياسية استغلالاً لهكذا إفراج، ويذهب أكثر من ذلك في محاولة لاستثمار هذه الخطوة انتخابياً.. لكن الملاحظ هو سرعة الهبوط الذي لقيه الفريق الآخر في الساعات الأربع والعشرين، التالية لإصدار قرار المحكمة.. فهذا الغبار الذي أثاره الفريق الآخر فور خروج الضباط من السجن، تلاشى وتراجع كثيراً إلى مرحلة أعتقد أن الأمور ستكون فيها طبيعية وسندخل إلى انتخابات نيابية هادئة ومتزنة وسيفوز بها من يختاره الشعب اللبناني.
* هل هناك تخوف من تغيُّر في المشهد السياسي على الساحة الداخلية وسيطرة قوى الأقلية على الحكم في البلاد؟ خصوصاً أن قوى 8 آذار دعت إلى التغيير عبر صناديق الاقتراع.. ونشير هنا إلى تصريح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي يقول إن مسألة إخلاء الضباط تُشكِّل مرحلة جديدة، فيما اعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن إطلاق الضباط الأربعة يضع البلد على مفترق تحول جديد..
- يُعلق حوري: نحن نحترم رأي الناخب اللبناني وما سيقوله.. وكما أعلن سابقاً النائب سعد الحريري أنه في حال فاز الفريق الآخر، نقول له تفضل ومارس الديمقراطية البرلمانية المنصوص عنها في الدستور واحكم البلد، ونحن سنمارس دورنا كمعارضة.. أما إذا فزنا نحن فسنمد يدنا إلى شريكنا في الوطن، إلى الفريق الآخر، ونقول له تفضل إلى داخل الحكومة بشرط لا ثلث معطلاً داخل هذه الحكومة، نتيجة هذه التجربة الفاشلة والسيئة التي عشناها في الحكومة الحالية.
هكذا يجب أن تكون الأمور الديمقراطية في تداول السلطة، أي أن الأغلبية تحكم والأقلية تعارض وتراقب.. وهناك مجلس نواب يراقب الحكومة ويصحح مسارها ويمنحها الثقة للاستمرار.
* كيف تفسر الاحتضان من قبل حزب الله للضباط الأربعة؟ إضافة إلى أن هناك مقارنة تصف خروج الضباط من السجن في لبنان كخروجهم من المعتقل الإسرائيلي، في كلام يشير إلى المساواة مع العدو الإسرائيلي..
- هذا الاحتضان المبالغ فيه هو التسييس بعينه، هم يتهمون الآخرين بالتسييس وهم يمارسون التسييس بأقصى درجاته.
هذه المبالغة وهذا الكرنفال الذي شهدناه في خروج الضباط يعكس ربما محاولة للتغطية على أمور أخرى. خصوصاً أننا سمعنا مقارنات أنهم كالمحررين من السجون الإسرائيلية.. نحن نعتبر أنه من المعيب سماع مثل هذا الكلام الذي يسيء إلى الأسرى الأبطال المحررين من السجون الإسرائيلية ومساواة هؤلاء الأبطال بالضباط، ولا سيما أن هناك نقاشاً سياسياً حول ممارساتهم.
وهذه فرصة، لنكرر أن هؤلاء الضباط ليسوا أبرياء حتى هذه اللحظة، وقرار الإفراج يلفت إلى أن المحكمة لم يتجمع لديها حتى الآن الأدلة الكافية لاتهامهم.
لكن سياسياً، أطلق الشعب اللبناني حكمه المبرم عليهم بعد تهيئتهم للأجواء والبيئة السياسية المناسبة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. نعم هناك مناورة شديدة من قبل حزب الله من خلال هذا الاحتضان المبالغ فيه وهذا الكرنفال المتنقل الذي شهدناه فور خروج الضباط من السجن.
* هل ستظل قوى 14 آذار متماسكة بعد الانتخابات النيابية.. أم سيكون هناك خلط أوراق وتغيُّر في مسارات بعض الأحزاب والفرقاء خصوصاً بعدما شهدناه من تباينات وخلافات في داخلها؟
- إن ما يجمع قوى الرابع عشر من آذار هو هذه الخطوط العريضة المتعلقة بالحرية والسيادة والاستقلال والالتزام باتفاق الطائف والدستور وماهية لبنان ككيان.. كل هذا المسار الطويل الذي عمد بالدم في ثورة الارز هذا ما يجمع قوى 14 آذار.
* هل يوجد خلافات داخل 14 آذار؟
- حتماً تُوجد خلافات حول تفاصيل معينة، لأننا مجموعة قوى ديمقراطية متنوعة ومتعددة.. لكن لا خلافات على الخطوط العريضة.
بعد الانتخابات النيابية، أعتقد أن الخطوط العريضة والإستراتيجية المتعلقة بـ 14 آذار ستزداد وضوحاً وربما سنحتاج إلى نقاش حول بعض التفاصيل.. وهذه هي طبيعة الأمور كوننا مجموعة ديمقراطية.. مسار الحرية والسيادة والاستقلال لا يمكن أن يتوقف وأن ينتهي مع انتهاء مرحلة انتخابية.. وأشدد هنا على أن بعض التباينات في المرحلة السابقة هي تباينات ذات طابع انتخابي وليست تباينات في عمق قناعات 14 آذار، سواء فيما حصل مع الوزير نسيب لحود أو غيره، فالنقاش معه هو نقاش في الانتخابات وليس نقاشاً في عناوين 14 آذار.
* د.حوري كونك نائباً عن بيروت، نريد أن نعرف متى سيعلن تيار المستقبل لائحته في العاصمة؟ هل هناك من توقيت محدد؟
- هناك بعض اللمسات الأخيرة تتم معالجتها من قبل النائب سعد الحريري مع الفرقاء المعنيين.. وأعتقد أننا أصبحنا على مسافة قريبة جداً من إعلان اللوائح خصوصاً أن معظم الصورة الانتخابية أصبحت جاهزة ولم يبق سوى تفاصيل بسيطة، وأعتقد أننا أقرب من أي وقت مضى لإعلان اللوائح.
* هل إعلان هذه اللوائح هو بانتظار ما ستؤوله المشاورات حول مرشح الجماعة الإسلامية في بيروت عماد الحوت؟
- المشاورات يقوم بها حصراً النائب سعد الحريري، وهو يعتمد سياسة اليد الممدودة وسياسة الانفتاح على الجميع وهو قد أعلن ذلك بشكل واضح تجاه الجماعة، بأنه يمد يده ولن يسحب هذه اليد.. هناك بعض النقاشات التفصيلية التي يقوم به حصرياً النائب سعد الحريري.
* هل تيار المستقبل سيبقي على الوجوه نفسها في لائحته في بيروت أم سيكون هناك وجوه جديدة أخرى؟
- هناك بعض الوجوه عزفت عن الترشيح، وسنة الحياة هي في التبدل والتغيير نحو الأفضل.. هذا لا يعني أن من يخرج يقل أهمية أو انتماء لتيار المستقبل، بالعكس تماماً، تيار المستقبل يمتلك الكثير من الطاقات والوجوه المؤهلة والممتازة لتبوؤ مراكز نيابية وغير نيابية.. لكن في النهاية هناك أعداد محدودة من المقاعد ولا بد من مراعاة هذه القواعد في العدد.
* هناك اختلاف حول المقعد الأرمني في دائرة بيروت الأولى، فمرشح القوات اللبنانية و14 آذار تعارضه الأحزاب الأرمنية.. وقد أعلن مرشح القوات ريشار قيومجيان أنه ماضٍ في ترشحه إلى حين التوصل إلى قرار في هذا الشأن، كما كشف عن اتصالات تجري بعيداً عن الإعلام للوصول إلى حل نهائي.. فأين أصبحت هذه الاتصالات؟
- هناك موقف للأحزاب الأرمنية يصر على ترشيح النائب سيرج طور سركيسيان، وهذا الموضوع يتابعه النائب سعد الحريري مع رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، ويجب أن ينتهي في السريع العاجل إلى نهايات سعيدة.. وأعتقد أن النائب سيرج طور سركيسيان يملك الحق الكامل في الاحتفاظ بهذا المقعد.
* إذا أردنا التكلم عن لقاء بري - الحريري الذي جرى منذ حوالي عشرة أيام.. هل جرى خلاله التجديد لما هو قديم، إذا صح القول بتبادل المقاعد بين بيروت وصيدا، ففي الاستحقاقات السابقة كان هناك اتفاق للتصويت للوزيرة بهية الحريري في صيدا وفي المقابل إعطاء الأصوات في بيروت للنائب أمين شري الذي انسحب من المعركة الانتخابية لصالح حلفائه في قوى 8 آذار؟
- هذا موضوع آخر والسبب الوحيد هو أن الدائرة الثانية في بيروت التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الدوحة بأن تكون دائرة تزكية وأن تحظى بالإجماع وتحييد عن المعركة.. تيار المستقبل رشح حسب الاتفاق مرشحاً عن المقعد السني وعن المقعد الأرمني الإرثوذكسي، ويفترض في المقابل من الفريق الآخر أن يرشح عن المقعد الشيعي والمقعد الارثوذكسي الآخر.. وقد حصل تبديل في اسم المرشح الشيعي، كما أن فريق الأقلية لم يتمكن من سحب كل المرشحين الموجودين، مما استدعى جهوداً إضافية لتظهير الصورة وتأكيد الاتفاق فيما خص هذه الدائرة حصراً، هذا ما حصل في الاجتماع بين الرئيس بري والنائب الحريري.
* يعني هناك بعض الوجوه التي هي في صلب قوى الرابع عشر من آذار مثل النائب مصباح الأحدب، والنائب مصطفى علوش هو كان رأس حربة في هذه القوى وناضل كثيراً في سبيل ثورة الارز، لماذا تم استبعادهم عن لائحة قوى الأكثرية؟
- أبداً، لكن في النهاية هناك عدد محدود في المقاعد.. طبيعة تأليف اللائحة في طرابلس أخذت هذا المنحى.. نحن الآن أمام لائحة تحالف وكل دعمنا لهذه اللائحة حصراً ولأسماء اللائحة.. هذه هي مقتضيات المعركة الانتخابية.