ها هي الحركة تعود من جديد وتدب الحياة في المدارس حيث غصت بأعداد غفيرة من الطلاب والطالبات بعد توقف قسري دام أكثر من ثلاثة أشهر، وقد أعد برنامج خاص لاستقبال طلبة الصف الأول الابتدائي وكل مدرسة بما أعدت لهذا الأمر تفاخر به دون غيرها كتوزيع الهدايا والورود والبرامج الترفيهية قبل أن يدلف التلاميذ مع معلمهم إلى الفصل كل على طريقته الخاصة وهذا الأمر هو في الحقيقة اختبار لقدرة المعلم في استقطاب تلاميذه وترغيبهم في الإقبال على الحضور إلى المدرسة، وبينما المعلمون منهمكون في تنفيذ البرنامج الموكل إليهم يمر مدير المدرسة على كل فصل يوزع بعض الوسائل التعليمية، ومن جملتها مسطرة لكل معلم، وينتهي اليوم الأول ويتنفس معلمو الصف الأول الصعداء، حيث إن هذا اليوم من أثقل أيام العام الدراسي عليهم ويعود التلاميذ إلى بيوتهم وكل منهم يبدأ بسرد ما رآه وشاهده في المدرسة بطريقته الخاصة وحسب مفردات خبرته التي اكتسبها في حياته قبل ذلك فمنهم السعيد الذي تمنى أن يطول اليوم الدراسي بخاصة إذا مارس لعبة كرة القدم ومنهم ما هو دون ذلك، أما أحد الطلاب الذين على ما يبدو لم يدخل أي مدرسة أو رياض أطفال فقد كانت رؤيته عن المدرسة مختلفة جداً، وقد بدا عليه الخوف، ولما سأله والده عن انطباعاته عما وجده في المدرسة تحفظ في البداية، ولم يبدها لكن الأب حاول معه مرة ومرة، وهو يشجع ابنه ويرغبه بالذهاب إلى المدرسة غداً وهنا انطلق لسان ابنه قائلاً لوالده: بابا بابا لقد قام أحد المدرسين بإعطاء مدرسنا عصا عندها نهض الوالد غاضبا وثارت ثائرته وهو يردد: عصا.. عصا كيف يحصل هذا؟ لا بد أن أذهب للمدرسة غداً لأرى ما الحكاية وهو يفكر طوال ليله بهذا الأمر وما أن تنفس الصبح حتى أيقظ ابنه، مصطحباً إياه إلى المدرسة ميمما وجهه مكتب المدير ويدخل معه في حديث لا ينقصه التوتر قائلاً له: يا أستاذ إن ابني قال لي إن المدرسة قد وزعت لكل معلم عصا، وهذا الأمر مرفوض ومخالف للتعليمات و... و... وهنا قاطعه المدير ماذا تقول يا رجل: عل الأمر فيه التباس أو.. لكن الأب قاطعه بانفعال قائلاً: التباس أي التباس هذا وابني رأى ذلك بأم عينه فما كان من المدير إلا أن ترك مكتبه وتوجه مع ولي الأمر إلى فصل ابنه طارقاً بابه ويفتح المعلم الباب ليجد أمامه المدير وولي الأمر وابنه ويسأل المدير المعلم أين العصا التي استلمتها أمس من الإدارة ويندهش المعلم ويتعجب قائلاً: أيتها عصا يا أستاذ؟ لعلك تقصد هذه المسطرة؟ نعم هذه هي هذه هي يا بابا.. كلمات متسارعة يبوح بها الابن وكأنه حل اللغز الذي أشكل على والده الذي أسقط في يده وقد احمر وجه بعد أن كان السواد يلفه من شدة الغضب وينسحب من الفصل وقد ألقى نظرة غير راضية على ابنه وكأنه يلومه دون أن يلوم نفسه أو يلوم المسطرة التي انقلبت إلى عصا وماذا لو خيل إليه أنها حية تسعى؟
خالد الحاجي