تجتهد أمانات المدن الكبرى وكذلك غالبية بلديات المحافظات والمدن وحتى المجمعات القروية في بعض القرى والمراكز والأرياف في مجال البحث عن الجمال وأشاعته في محيط خدماتها خاصة في الطرقات والتقاطعات والميادين وكذلك في الحدائق العامة وغيرها من مرافق خدماتية يأتي ذلك إضافة لما تقدمه هذه البلديات من خدمات جليلة للمواطن في كافة المرافق والمنشآت الخدماتية هذا المجال الذي أصبح مطلبا بل إنه أضحى سمة من سمات الحياة العصرية بكل معطياتها فأصبح الكل حريصا على الجمال وأشاعته في كافة معطيات حياته بما في ذلك المسكن والملبس ووسائل النقل وغيرها من أدوات وأشياء يتعامل معها ناس هذا العصر وهذا يأتي نتاجا للارتقاء في الذوق العام وتنامي الذائقة الجمالية لدى الناس إضافة إلى ارتفاع مستوى الثقافة بشكل عام وتعدد مشاربها خاصة ما يأتي عن طريق الفضاء هذا الزائر الذي ربما جاء قسرياً والذي يحمل معه العديد من ثقافات البشر في أرجاء المعمورة والذي كان له وبلا أدنى شك أدوار عديد في تغيير السلوك سواء إيجاباً أو سلباً بما مكن المرء من الاطلاع على ثقافة الآخر واستخلاص شواهد الجمال فيها والتكيف مع ما يراه مناسباً له ولعاداته وتقاليد مجتمعه وقبل هذا وذاك ثوابته الدينية الأهم. أعود لحكاية أمانات المدن والبلديات مع الجمال خاصة ما يتعلق بالجوانب التجميلية خاصة في الميادين والحدائق والتقاطعات الرئيسية والزوايا المهملة وخلاف ذلك.. الحقيقة أن حرص هذه الأمانات والبلديات وحتى المجمعات القروية على تقديم هذا النوع من الشواهد الجمالية هو حراك واع في المسار الجمالي وهو مؤشر أيضاً لتنامي الحس الجمالي لدى القائمين على هذه المرافق الخدماتية الهامة وهو جهد يستحق ثناء وتقدير الجميع لكن الشيء الذي ربما كان سلباً في هذا التوجه هو نوعية الفكرة ورداءة التنفيذ فالملاحظ لمعظم المجسمات الجمالية على قلتها أنها تقليدية الأفكار ومكررة الطرح هنا وهناك كما يحصل للدله والمبخرة والإبريق وغيرها من شواهد نعتز بها وبرمزيتها ودلالاتها الموغلة في الكرم وارتباطها الوثيق بموروثنا الشعبي الأصيل ولست هنا أقلل من هذه الشواهد لكنني في الوقت نفسه أتمنى على المسؤولين في البلديات الحرص على تقديم عمل جمالي جميل يسعى إلى الكمال سواء في قوة المضمون والفكرة والتكوين أو جمال التنفيذ والوسائط ومع تقديري واحترامي لجهود الإخوة في الأقسام الهندسية من مهندسين أو رسامين معماريين أو من في حكمهم في الإمانات والبلديات إلا إنه من المهم جداً إيجاد حلقة تواصل مع الفنانين التشكيلين في منطقة خدماتهم والعمل على الاستنارة برأيهم في هذا الجانب خاصة وأن الأمر يرتبط بالفن والجمال وكذلك منحهم الفرصة للمساهمة بأفكارهم وتجاربهم وخبراتهم الجمالية حتى يتم الوصول من خلال المهندسين والتشكيليين معاً إلى حلول وبدائل تتماشى مع المعطيات العصرية بكل أبعادها الفكرية والتقنية والجمالية وبما لا يخل بالموروث والأصالة..
sada_art@hotmail.com