قبل 17 عاماً تقريباً احتضنت الدوحة بطولة الأندية الخليجية لكرة القدم وكانت تلك البطولة التي استضافها نادي السد هي البطولة الأولى التي تقام بعد تحرير أرض الكويت من غزو النظام العراقي السابق وعلى هامش تلك البطولة أقيمت ندوة حول مستقبل الكرة الخليجية وكان المتحدثون في الندوة صاحب السمو الملكي رئيس نادي النصر الأسبق ورئيس بعثة نادي النصر ممثل المملكة في تلكم البطولة الأمير الراحل عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله) والشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح رئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي وكان وقتها رئيساً للاتحاد الكويتي لكرة القدم والسيد عبدالله العطية نائب رئيس الوزراء القطري وزير الطاقة والصناعة وكان حينها رئيسا لنادي السد والسيد إبراهيم مطر رئيس اللجنة التنظيمية لبطولة مجلس التعاون الخليجي لكرة القدم السابق فيما كان يدير الندوة الإعلامي القطري المخضرم الأستاذ سعد الرميحي مستشار سمو أمير قطر وكان آنذاك رئيسا لتحرير مجلة الصقر الرياضية، في الحقيقة كانت ندوة ممتعة ومثيرة فبعض تلك الاقتراحات والرؤى التي تم تداولها في تلك الندوة رأيناها على أرض الواقع خصوصا فيما يتعلق بملف الاحتراف وفي هذه الجزئية بالذات أضاف الأستاذ الرميحي مداخلة رائعة عندما استشهد بمثل أعتقد انه من بنيات أفكاره ولكنه بات الآن أشهر من نار على علم حيث قال (إذا كانت الأندية السعودية من فضة فإن الهلال من ذهب!!) في إشارة إلى ان الهلال سبق جميع الأندية السعودية في عالم الاستثمار حتى قبل إقرار نظام الاحتراف والاستثمار عندما خطبت وده إحدى شركات الألبان لتقديم منتج (لبن الهلال) بمناسبة استضافته لبطولة مجلس التعاون الخليجي الرابعة التي أقيمت لأول مرة بنظام التجمع على ملعب الأمير فيصل بن فهد بالرياض عام 1986م وفاز بها الهلال كأول بطولة هلالية خارجية وأتذكر جيدا الإعلان التلفزيوني عندما كانت الكاميرا تعرض بعض أهداف الهلال في تلك البطولة ثم صورة قائد الفريق الكابتن صالح النعيمة وبعدها يأتي تعليق صوت المعلن مختتما الإعلان بعبارة (لبن الهلال.. لبن الأبطال) تلك الجزئية التي أثارها الرميحي أشعلت الحوار في الندوة خصوصا من جانب الأمير الراحل عبدالرحمن بن سعود الشهير بسرعة البديهة مما أضفى على الندوة جو من الإثارة لم يخل من الطرافة في كثير من مفرداته ليأتي الشيخ أحمد الفهد ويكملها عندما استشهد بالهلال في تنوع الألعاب في النادي وعدم اقتصاره على لعبة كرة القدم فقط مؤكدا في ختام مداخلته بأنه هلالي، وحينها علمت لأول مرة عن هلالية الشيخ أحمد، قبل أيام عرض برنامج الجولة تصريحا للشيخ أحمد الفهد عقب نهاية أعمال اجتماع الاتحاد العربي لكرة القدم الذي عقد مؤخرا في الرياض وعند سؤاله عن مدى اهتمامه بالكرة السعودية وهل هو متابع للدوري السعودي أجاب بالحرف الواحد (طبعاً، أنا هلالي متعصب) هذا التصريح الجميل يدفعني لسرد قصة تشرفي بلقاء الشيخ أحمد في مسقط قبل ثلاثة أشهر إبان فعاليات دورة كأس الخليج لاهدائه نسخة من مقالي الخاص بأصداء رفع الايقاف عن الاتحاد الكويتي من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم والسماح له بمشاركة أشقائه في منافسات دورة الخليج يومها كتبت هنا في صحيفة الجزيرة مقال بعنوان (عاد الفهد من اليابان فعادت الكويت والعود أحمد) وبما ان المقال الذي تشرفت بتقديمه لسعادة الشيخ كانت كلماته محفورة في درع يحمل شعار دولة الكويت وشعار اتحاد الكرة الكويتي وصورتي الشهيد فهد الأحمد والشيخ أحمد الفهد فقد قمت بتثبيت النسخة الورقية الأصلية للمقال على ورق مقوى لونه أزرق وحينما قدمته للشيخ قال لي معلقاً على الورق المقوى (هذا لونه حلو أزرق كويتي وهلالي) وسط ضحكات الإعلاميين والمصورين، ودعوني هنا أقل كلمة حق في أبو فهد بغض النظر عن أي اعتبارات فعندما واجهته في مسقط وجدته كما شاهدته في وسائل الإعلام مثالاً في التواضع والأريحية والبساطة حيث لم أجد صعوبة في الوصول إليه وعندما وصلت إليه كان محاطاً بجيش من الإعلاميين ومراسلي الصحف والمجلات والقنوات الفضائية وجميعهم كانوا يستمعون بإنصات لحديثه اللطيف والممتع والمقنع وهو ممسكا بالعصا الشهيرة التي ترافقه في معظم الفعاليات الرياضية حينها تراءت لي عبارة (الشيء من معدنه لا يستغرب) فهذا الفهد من ذاك الاسد.
أما تعصب الشيخ أحمد للهلال فأعتقد بأنه أمر طبيعي ولا يلام الشيخ في تعصبه لزعيم آسيا وصاحب الأرقام القياسية في البطولات القارية والاقليمية والمحلية وهلاليته لا شك بأنها مصدر اعتزاز لكل الهلاليين خصوصا وان أبو فهد أحد رموز الخليج ومن القيادات الرياضية المهمة قاريا ودوليا ورجل دولة من الطراز الأول تشهد بذلك المناصب الوزارية التي تقلدها في الكويت وصاحب الشعبية الجارفة لدى الكويتيين وفي هذا السياق أتذكر هذا الموقف عندما تصادف تواجدي في مسقط مع مباراة الكويت والعراق فقررت حضورها وعند جلوسي في المدرج كان بجواري أحد المشجعين الكويتيين فتجاذبنا أطراف الحديث حول حظوظ الأزرق الكويتي في هذه البطولة كونه قد حقق مفاجأة وقلب كل التوقعات التي استبعدته من الترشح للدور الثاني عطفا على قصر وقت الاستعداد وكذلك عدم معرفة مشاركته في الدورة من عدمها إلى قبيل انطلاقها بأسابيع واستمر الحديث بيننا قبل بداية المباراة وعندما تحدثنا عن الشيخ أحمد الفهد قال لي صاحبي الكويتي موقف يحمل دلالات كبيرة حيث يقول عندما نسلم على الشيخ أحمد يسألنا عن أسمائنا فإذن عرّفنا بأنفسنا يسألنا: أبوك فلان اللي ساكن بالمنطقة الفلانية؟ أو عمك فلان اللي كان بالمقاومة الكويتية أيام الغزو؟ أو يصير لك فلان؟ يقول لي صاحبي فتنهمر أسئلة الشيخ أحمد على كل من يسلم عليه لنكتشف في النهاية بأنه يعرفنا كلنا!! ولا شك بان هذه من أبرز صفات الشيوخ الذين يحظون بالشعبية وبالتالي يكاد يجمع الناس على حبهم واحترامهم وتقديرهم، هنيئا للهلال برجاله الرموز من داخل المملكة ومن الخليج والوطن العربي وهنيئا للهلال بأبو فهد سليل المجد وابن الفهد (راعي الحرشا)، وهنيئا للشيخ أحمد تعصبه لنادٍ عريق يحقق في كل يوم بطولة! ودمتم سالمين.
الرياض