Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/04/2009 G Issue 13363
الخميس 05 جمادى الأول 1430   العدد  13363
حياة
حنان عبدالغفار

 

.. يا مسافر وحدك.. يا مسافر وحدك.. وفايتني..

دائماً ما ينطق صوت المذياع من الشقة المجاورة في ساعات مبكرة من الصباح فمنذ عدت من الخارج وهي لا تكف عن تشغيل كل آلات المنزل الصاخبة وفي كل الأوقات حتى إنني لا أدري متى تنام!!

اليوم إجازة ولابد أن أحصل على حقي في الراحة..

فأمامي ستة أيام أخرى من العمل الشاق حتى تأتي العطلة القادمة قررت أن أذهب إليها وأطلب منها خفض الصوت.. ولكني ترددت في عصبية متقلبة المزاج وأنا لا أطيق جو الشجار والمشاحنات.. لم تكن هكذا فيما مضى.. كانت هادئة..

سافرت للخارج عشرين عاماً وعدت لأجدها وحيدة حزينة غامضة..

صخب المذياع يصر على اختراق طبلة أذني ويوشك على ثقبها ومخزوني من الصبر قارب على النفاد.. اتجهت لشقتها وضربت الجرس بشكل عنيف حتى تعلم أنني غاضب ولكنها ما إن فتحت الباب ورأيت نظرتها التي تحتوي على هدوء منذر بعاصفة سرعان ما بدأ غضبي يتهاوى.. وابتسمت ابتسامة متوجسة وعجز لساني عن الكلام..

كنت أنتظر أن تبدأ هي بسؤالي عن سبب قدومي ولكنها لم تفعل فما كان مني إلا أن تململت محرجاً ووسعت ابتسامتي قليلاً وقلت:

- هل من الممكن أن أطلب طلباً؟

فلم تنبس ببنت شفة.. فأكملت سؤالي قائلاً: هل يمكن خفض الصوت؟.

فاكتفت بهز رأسها إيجاباً في ملل وابتسمت ابتسامة ضجرة وأغلقت الباب بسرعة قبل أن أهم بالرحيل.. وعندما عدت إلى شقتي لم يتغير صوت المذياع ولم ينخفض.. قررت الخروج للتمشي قليلاً ولكني فوجئت بصوت المذياع يختفي.. ثم يطرق على بابي وفتحت لأجدها أمامي.. وقد زال ما كان بها من غضب وملل وذكرتني ملامحها بما كانت عليه منذ زمن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد