أشار الكاتب والصحافي الكبير الدكتور عبدالله مناع في كتابه: (بعض الأيام بعض الليالي) إلى بعض المواقف والذكريات التي مرت به أثناء ممارسته للعمل رئيساً لتحرير مجلة (اقرأ).
وقال: أذكر مرة أنني نشرت تحقيقاً ملوناً طريفاً في وسط مجلة اقرأ.. في باب (تحقيقات خاصة) كان التحقيق مصوراً يتحدث عن حياة زوجة لاعب سيرك مصري..
وبعد طباعة العدد اكتشفت أن زوجة لاعب السيرك هذا سعودية وقد جاء ذكرها في التحقيق باسمها ولقبها مفصلاً، فعدت إلى المطبعة في الخامسة من صباح الخميس وقمت مع العمال المناوبين بنزع صفحات التحقيق باليد وكانت لحسن الحظ في قلب العدد..
لننتهي منها بالكاد قبيل وصول سيارات التوزيع..
وفي مرة وصلني موضوع خطير تخشى أن تُضبط كما يقولون بقراءته.. فضلاً عن نشره فقطعته وألقيت به وسط مخلفات عمارة قريبة من مكاتبنا، ولكنني تقلبت طوال الليل خوفاًَ من أن يعثر عليه أحد بين المخلفات فيتساءل: كيف.. ولماذا؟!.
وأخيراً حسمت أمري وعدت إلى المكتب قبل الفجر متخفياً في سيارة شقيقي، وبدأت أجمع القصاصات من بين المخلفات، قصاصة من هنا.. وأخرى من هناك.. حتى جمعتها ثم قمت بحرقها!!.
كما أذكر أنني أجزت مرة مقالاً طريفاًَ عن جمعية الحمير وكيف يلتحق بها الراغبون فيها.. ثم كيف يتدرجون فيها: من (لحلوح) إلى (جحش) إلى (حمار).
كان كاتب المقال الأديب والشاعر الزميل والصديق الأستاذ يوسف رحال، وكان مقرراً نشره على الصفحة الأخيرة لطرافته وجماله رغم الإسقاطات الواضحة فيه.. لكنني أجلت نشره في آخر لحظة للأسبوع القادم لحذف بعض ألفاظه وتعديل البعض الآخر، وفي الأسبوع التالي وبعد كل التعديلات التي أجريتها أجلته للمرة الثانية فالثالثة ثم إلى الأبد..!!.
إلى جانب صور القلق هذه.. كنت أعرض مقالي الأسبوعي والرأي الخاص في (اقرأ) على الكبير والصغير وأقرأه لكل من أتوسم به حسن تقدير الأمور: محلياً وسياسياً.
وأكد الدكتور عبدالله مناع أن الصحافة زوجة لا تقبل أن تكون لها ضرة ولذلك فإن الصحفيين الناجحين هم أزواج مقصرون في الغالب أو محبون فاشلون؛ لأن قلوبهم وعقولهم مشغولة بحبهم وبهمهم الأول: الصحافة..
كما أن العمل الصحفي لا يحب التراخي ولا يسمح به، إذ يجب على الصحفي أن يكون واقفاً على قدميه بل وربما على أطراف أصابعه في كثير من الأحيان.. متيقظاً.. متحفزاً.. يقرأ ويكتب.. ويحضر اللقاءات والمؤتمرات ويبحث عن الفكرة الأجمل والعبارة الأرشق.