Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/04/2009 G Issue 13363
الخميس 05 جمادى الأول 1430   العدد  13363
من أجل أمهاتهم
منيف خضير

 

أثق بما لا شك عندي أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (وزير الداخلية) ربما كان أحرص من أمهات الشباب السعوديين المعتقلين في العراق وفي جوانتانامو، هذه الثقة ليست من باب قرع طبول المديح فحسب، لكنها أمانة تصدى لها سموه، وأعلنها

....أكثر من مرة على الملأ، والشواهد تصدق كلامي، فعلاقة الداخلية بأسر المعتقلين تبدو كعلاقة الأب بأبنائه الذين يحبهم رغم خروجهم عن جادة الطريق الذي رسمه لهم.

أنا شخصياً لا أتحدث من فراغ، بعض المعتقلين الذين أفرج عنهم والمعتقلين الذين ينتظرون ذكروا بملء أفواههم أنهم في سجونهم كانوا يعاملون معاملة كريمة، وبعضهم ممن أعرفهم قد عوضوا بمقابل مادي عن تلك الأشهر التي قبعوا فيها في السجون رغم تورط بعضهم بأمور وعلاقات لا داعي لها مطلقاً، كان أقلها يفترض أن تكون عقوبته السجن لسنوات طويلة.

واليوم - ولله الحمد- ونحن نتجاوز عقبات كثيرة في طريق القضاء على الإرهاب والفكر الضال، يجب أن نعترف أن الدولة -رعاها الله- تعاملت مع الأحداث بصرامة اقترنت بالحكمة والإنسانية في آن واحد، وما عملته بلادنا من أجل الشهداء يعكس ما أرمي إليه، فشهداؤنا حظوا بمميزات إنسانية قلما تتوفر في بلدان كثيرة على هذا الكوكب.

والحقيقة أنني لست محتاجاً لهذه المقدمة لأذكر سمو سيدي وزير الداخلية بقضية الشباب السعوديين المسجونين في السجون العراقية - تحديداً- لكن ما نشرته الزميلة الرياض تحت عنوان (خرج أبناؤهن للجهاد في العراق وتركوا قلوبهن منفطرة: أمهات ينتظرن الفرج، في عدد الخميس 4 محرم 1430هـ- 1 يناير2009م- العدد 14801) أثار كوامن الحزن والشفقة في نفسي على هؤلاء، خصوصاً أن منهن من يتجرع كؤوس الندم على تلك النزوة التي اجتاحت شبابنا في غفلة من الزمن، كان حديث الأمهات في ذلك التحقيق الصحفي يمزق القلوب، تخيلوا شاباً في عمر الزهور يذهب ضحية أفكار جهادية تتعارض مع رأي علماء الأمة الذين يعدهم العالم الإسلامي بأسره مرجعاً دينياً مهماً، الآن وبعد انكشاف الغمة عرفنا أنها كانت لعبة سياسية دفع ثمنها هؤلاء من أعمارهم ومن صحة ذويهم، تخيلوا أحد الشباب فاجأ أهله بالقرار الجهادي وهو في السنة الجامعية الأخيرة، وخرج والده لطلبه في الأردن لعل وعسى وهناك مات والده في حادث سير فأصبحت مصيبة العائلة مصيبتين، وكثير من الشباب لا يعرف مصيرهم بعد أن تخلى عنهم العرابون.

إنني أثق أن الأم لو قيل لها إن ابنها مات ربما كان أهون عليها من هذا الانتظار لمدة تزيد على خمس سنوات لا تعلم أحي هو أم ميت؟ أيأكل أم يعذب؟

إنها أسئلة كثيرة أقلها يؤدي إلى الوفاة يومياً والناس أحياء!

يا لفاجعة الأمهات والآباء بأبنائهم!

إنني أناشد سمو سيدي وزير الداخلية وهو الذي عرف عنه العدل والشفقة بهؤلاء، أن يسعى في تسليمهم إلى بلدهم، فسجنهم هنا أرحم ألف مرة من سجون العراق، وبلادنا -ولله الحمد- لها ثقلها في العالم أجمع، وهذا ما شجعنا على مناشدة سموه، الذي -كما أسلفت- ليس بحاجة إلى تذكير، ليس من أجل هؤلاء يا سيدي، ولكن من أجل أمهات ينتظرن الفرج وما تبقى من قلوبهن يمزقه الحزن وانتظار المجهول.

MK4004@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد