ذكرت في مقالة الأسبوع الماضي أنه لا يكفي أن تتصف كوادر وقيادات هيئة حقوق الإنسان بالإخلاص والانضباط والنزاهة.. بل يجب أن تكون مؤمنة بمفاهيم وقيم حقوق الإنسان.. وأن يكون لديها فهم عميق لمعاني حقوق الإنسان صغيرها وكبيرها.. وألا يكون من بين أعضاء مجلس الهيئة أو موظفيها من لديه تحيُّز إقليمي أو طائفي أو قبلي.. حتى تضع الهيئة رؤيتها لتمكين الإنسان (أياً كان) في بلادنا من الحصول على حقوقه دون معاناة.. ثم تهيكل أنظمتها وكوادرها ونظامها المالي وعلاقاتها التعاونية مع كافة الأجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد لتحقيق تلك الرؤية.
ولكون ثقافتنا بشكل عام يُشكِّلها ديننا الحنيف الذي يدعو للعدالة والمساواة والاحترام المتبادل والتعايش السلمي والحب والوئام ونصرة الضعيف وإغاثة الملهوف ورعاية اليتيم وحفظ كرامة الإنسان مهما كان لونه وانتماؤه.. وينهى عن الظلم والإثم والعدوان وأكل أموال الناس بالباطل أو إذلالهم.. فإن ذلك سيسهل بكل تأكيد مهمة الهيئة في غرس مفاهيم وثقافة حقوق الإنسان وتطبيقها.. فنحن من يقول لنا رسولنا الكريم: (دخلت امرأة النار بهرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) فكيف بظلم أو قهر أو إهانة أو احتقار أو أكل مال أو حق إنسان؟
والسؤال الآن: كيف نعرف أن الهيئة قد وضعت الحصان أمام العربة وسارت على الطريق الصحيح المؤدي لتحقيق الرؤية؟.. بكل تأكيد سوف نعرف ذلك إذا طرحت الهيئة أمام الناس رؤيتها وبرامجها الإستراتيجية في المسارات الرئيسة لتحقيق تلك الرؤية مثل: نشر ثقافة حقوق الإنسان.. تطوير الأنظمة والإجراءات بما يتفق وحقوق الإنسان.. تأهيل ومراقبة الجهات التنفيذية الخدمية والرقابية والعقابية.. معالجة المشاكل المتعلقة بحقوق الإنسان التي يتعرض لها المواطن والمقيم سواء كانت قضايا فردية أو جماعية كالمشاكل العمالية.. ومشاكل الحقوق الشخصية.. والقضايا الاجتماعية.. إلى غير ذلك.. ثم تقوم بعرض الإنجازات التي تحققت خلال مرحلة زمنية وتقيس درجة الانحراف عما خُطّط له، مع تحديد أسباب الانحراف.. أما أن يبقى الوضع على ما هو عليه مجرد أخبار وتصاريح حول متابعة بعض القضايا اليومية.. فأظن أن هذا لا يصلح في زمن تتسارع فيه الأحداث بشكل لا يحتمل التأخير أو التسويف أو العمل في مناخ يسيطر عليه التعتيم والغموض.
وكلنا ثقة بالقيادة الجديدة أن تسعى لتحقيق هدف الدولة -رعاها الله- من إنشاء الهيئة والمتمثل بإشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين المواطنين والمقيمين من خلال وسائل وآليات تتجاوز حدود النيات الصالحة إلى الفعل الواعي المؤثر.. والله من وراء القصد.