المطور العقاري الشامل يقوم بشراء أرض بيضاء على أي مساحة كانت ثم يضع لها مخططاً رئيساً وفق معايير تحددها الأمانة ووفق معايير أخرى يراها هو لصالح التسويق وتحقيق الإيرادات المثلى (خلق القيمة)، ومن ثم يطور البنيتين التحتية والعلوية دفعة واحدة ليشرع فيما بعد بتطوير الأبنية على دفعات أو دفعة واحدة حسب الدراسات السوقية التي قام بها، وحسب إمكانياته المالية الذاتية والتمويلية وقدراته الإنتاجية.
معالجة العشوائيات في المنطقة الغربية بتطويرها حضرياً من قبل مطور عقاري مؤهل تستدعي مراحل أخرى للوصول لمرحلة الأرض البيضاء، هذه المراحل تشتمل على مسح العقارات وتقديرها ومن ثم نزع ملكيتها وإتاحة الفرصة لسكانها للانتقال لمساكن أخرى ثم إزالتها بالكامل بما في ذلك البنية التحتية والعلوية غير المخططة، وهذه مراحل ليست بالمراحل السهلة والتي لا يمكن لأي مطور عقاري القيام بها لأنها مهام حكومة بالدرجة الأولى.. فالمسح والتثمين ونزع الملكية والإخلاء وإيجاد البدائل السكنية قضايا من صلب اختصاصات الحكومة قيادة وأجهزة حكومية منظمة ومنفذة ومراقبة.
ولا شك أن مهمة إيجاد السكن البديل لسكان العشوائية الأولى التي تخضع للمعالجة وهي عشوائية قصر خزام وهي المهمة الأصعب والأكثر تعقيداً هي مهمة حكومية فهي المعنية بتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيها من علاج وتعليم وسكن، وبالتالي فإن الشركة يمكن أن تقوم بالمسح ودفع التثمينات المقدَّرة للعقارات المنزوعة وإزالة الأنقاض والمباني للوصول إلى مرحلة الأرض البيضاء، ولكنها بكل تأكيد لن تستطيع إيجاد مساكن بديلة للمواطنين المنزوعة مساكنهم الذين تعويضات عقاراتهم لشراء مساكن ملائمة لهم ولأسرهم خصوصاً أن معظم سكان العشوائيات من طبقة محدودي الدخل وما دونه، نعم الشركة قد تساهم بدعم هؤلاء مالياً ضمن نطاق مسؤوليتها الاجتماعية، ولو حمَّلنا الشركة المطورة هذه المهمة أو جزءاً منها لأصبحت خسارتها في حكم الأكيد وهو ما لا يعقل، فالمستثمر هدفه الربح وإن مزج عمله بأبعاد وجدانية.
ولتوفير مساكن ملائمة للمواطنين المنزوعة مساكنهم من أصحاب الدخول المحدودة وما دونها، لا يمكن أن تعالج دون تنسيق وتكامل بين أمانة منطقة جدة والهيئة العامة للإسكان وصندوق التنمية العقاري، حيث تستطيع الأمانة توفير الأراضي الملائمة لهيئة الإسكان لتطوير مساكن لهؤلاء باستثمار جزء من المليارات التسعة التي انتقلت إليها من وزارة الشؤون الاجتماعية لبناء مساكن للمواطنين محدودي الدخل لحل معضلة المساكن التي ينتقل إليها سكان العشوائيات من المواطنين، كذلك صندوق التنمية العقاري يمكن له أن يقدم قروضاً سريعة للمواطنين من سكان العشوائيات حال توفير الأمانة أراضي مناسبة لهم لاستكمال المبالغ المتاحة لهم لتفي بمتطلبات استكمال مساكن ملائمة لهم.
وأود أن أؤكد للجميع أن الحل اليوم يستدعي إجراءات قد تكون مرة الطعم لمشكلة طال الانتظار لحلها والقضاء على إفرازاتها الخطيرة، وإن لم نعجل ونتعاون في معالجتها اليوم سيكون الطعم أكثر مرارة بمرور الزمن لتفاقم المشكلة، وأود أن أنبه إلى أن إيجاد المساكن البديلة سيقف عائقاً كبيراً أمام تطوير العشوائيات ما لم يبت فيها من الآن.. ذلك أن عملية توفير الأرض وتطوير المساكن تستغرق مدة زمنية تصل لخمس سنوات، ونحن نعلم أن مشروع عشوائية قصر خزام مخطط له أن ينتهي بأقل من خمس سنوات، فكيف يكون هذا دون تحرك سريع وفوري مدعوم من قيادتنا الحكيمة حفظها الله؟
alakil@hotmail.com