ليس هناك من فعل يفقد الإنسان مهابته وكرامته ويكسر نفسه أو قلبه مثل التحرش الجنسي من قوي باتجاه ضعيف، سواء كان الفاعل أو المتحرش، ذكراً أو أنثى، سواء كان فعل التحرش، لفظياً أو مادياً، إنه في النهاية اعتداء من أقصى درجات الاعتداء بشاعة وجرماً، في الدول الأجنبية من الممكن أن يفقد أعلى رأس في الدولة مركزه، إذا حامت حوله الشبهات أو ثبت عليه فعل التحرش، وقد عاش رئيس الولايات المتحدة السابق (بيل كلينتون) أياماً عصيبة أمام ناخبيه أو من انتخبوه ليكون رئيساً وأمام زوجته، بسبب ادعاء موظفة صغيرة عليه، ومثله القس (جاكي جاكسون) الذي رشح عدة مرات لرئاسة أمريكا، وقد كلفته هذه التهمة الكثير من سمعته ومكانته، ولم تبرد النار، حتى قام بتسوية علنية أمام الرأي العام، حيث أقر بفعلته واعتذر عنها من الناس ومن زوجته، هذه حالات تحرش أبطالها رجال في دولة تطبق القانون بحذافيره، حتى تصل به إلى أكبر رأس في الدولة، وما حدث مع الرجال حدث هناك مع نساء، فقد صدرت أحكام عدة على مدرسات ومربيات وقيادات وظيفية، بسبب قيامهن بالتحرش بتلاميذهن أو موظفيهن، مستغلات الدرجة الوظيفية، التي يعتقدن أنها ربما عصمتهن من الرضوخ لسلطة القانون، وقد فقدت أكثر من واحدة في أوروبا وأمريكا عملهن، إضافة إلى أحكام بالسجن، الذي يزيد أحيانا على الخمس سنوات مع إحالة المتحرش بهم إذا كانوا أطفالاً أو مراهقين إلى العيادات النفسية، لمعالجتهم من الآثار النفسية، التي تنجم في الغالب عن التحرش الجنسي!
وفي دولة خليجية مجاورة كادت تفقد وزيرة التربية والتعليم منصبها بسبب حالة تحرش جنسي مباشر من حارس إحدى المدارس الأولية على بعض التلاميذ، وكانت هذه القضية الشغل الشاغل وربما مازالت للناس ولوسائل الإعلام، والشواهد في هذا المجال كثيرة، لكننا في النهاية سوف نتساءل عن الدرجة التجريمية التي تطبق بحق من يتحرش من الجنسين، نساء أو رجالاً في بلادنا، فهذا المجتمع ليس مجتمعا ملائكيا، في أبنائه كافة النوازع الإنسانية، ولذلك لا بد من بسط هذا الموضوع وإيجاد الحلول له، فحوادث التحرش كثيرة، خصوصا في الأسواق وأمام المدارس وفي العمل، وقد دخلت الآن الوسائل الإلكترونية على الخط فأصبحنا نلمس تحرشات عبر الإنترنت والجوال والهاتف، بل إن هناك من يتحرش من خلف الحدود، وقد طال التحرش الأسر، فنقرأ عن عم أو خال أو أخ يتحرش بأخته أو قريبته.. الموضوع حساس لذلك لا بد من بسطه ومناقشته بكثير من الشفافية!!
فاكس: 012054137