تبرز إلى الواجهة قضية الكسر المضاعف الذي تعرض له لاعب المنتخب السعودي ونادي الهلال أحمد الفريدي من زميله لاعب نادي النصر ريان بلال في اللقاء الذي جمع بينهما يوم الجمعة بتاريخ 21 - 4 - 1430هـ.
فبعد أن خالف اللاعب المهاجم ريان بلال قانون اللعبة، وقفل راجعاً إلى خط المنتصف وهو المهاجم ليمنع هجمة من زميله أحمد الفريدي، لم يهنأ له بال إلا وقد أقام مقصلة بقدميه لساق زميله اللاعب الموهوب المليء بالحياة والحيوية والإبداع ليسقط في مكانه مترنحاً صارخاً متألماً، ليظهر التشخيص الطبي فيما بعد أنه كسر مضاعف.
الأحمر لا يكفي
حكم المباراة الأجنبي لم يقدر الحالة تقدريها الصحيح ويطرد اللاعب مكتفياً بكرت أصفر..!!
لكن الكرت الأحمر حتى ولو أشهره كان فريق الهلال سيستفيد من حالة الطرد، ولكن الفريدي ما مصيره؟.
الجواب سهل جداً: لا شيء؟!
واتحاد كرة القدم لو تحرك من سكونه ومشاهدته السلبية عبر لجانه، واتخذ قراراً من موقع مسؤوليته في الحفاظ على جمال اللعبة واللعب النظيف وتوفير الحماية للاعب وإمتاع الجمهور لكان أوقفه شهرين في أحسن الظروف!!.
أين حق اللاعب؟
لكن يظل حق اللاعب الشخصي في كل هذه القضية، خاصة أنه لاعب محترف ومحور هذا المقال، وأساس موضوع رسالة الماجستير التي قدمتها لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية قبل سبع سنوات بعنوان: المسؤولية الجنائية لإصابات الملاعب الرياضية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية ولم تستفد منها الجهات الرياضية والمعنية في المملكة بكل أسف أو حتى تسأل عنها.
إننا إذا نظرنا إلى ما تعرض له اللاعب أحمد الفريدي الذي بموجب التقارير الطبية تعرض لكسر مضاعف وسيخلد للراحة والجبس 4 أشهر ووضع عدة مسامير في ساقه يعطيه الحق في المطالبة بالحق الشخصي وهو الارش وذلك برفع الدعوى الشرعية الجنائية فهو لاعب اكتسابه ورزقه في قدمه، وما حصل له هو تعرض مباشر لحقه الشرعي في سلامة جسده التي حرص الشارع على حمايتها، وما قام به زميله ريان بلال هو تعد مباشر وصريح عليه.
وإذا قال قائل: إن الفريدي لاعب ويعرف أنه سيتعرض لمثل هذه الحوادث في الملاعب. نقول: إن مشرع اللعبة قد وضع لها قوانين صارمة تحمي حق اللاعب وسلامته. وهو قد قبل اللعب ووافق عليه ضمن أصول اللعب المتعارف عليها، وليس ضمن قانون جديد قدمه ريان المهاجم، الذي أكثر من غيره سيكون عرضة للاحتكاك مع المدافعين، كما أن الاحتكاك لم يكن سهوا أو عن غير قصد أو أنه جاء بالقوة القهرية في ظل انعدام القصد، بل حدث في ظل قصد محدد ولا يعفيه من المسؤولية حتى لو كان غير محدد، لأن ريان لاعب يعرف قانون كرة القدم ويعلم النتائج المترتبة على فعله، وسلامة الجسد ليست من الحقوق القابلة للتنازل.
ولكن هناك ألعاب يكون العنف جزء من قوانينها وبالتالي يكون استعمال العنف جزء منها، ولو علم اللاعب المصاب الذي رضي باللعب وفق أصول وقواعد اللعبة أنه سيتعرض إلى ما تعرض له لما دخل المعلب أصلاً ولما قبل ذلك.
الرضا
إن اللاعب أحمد الفريدي كان يعلم المخاطر الطبيعية التي يتعرض لها لاعب الكرة داخل الملعب، وليس من ضمنها الكسر المتعمد الذي جاء بفعل العمد المغلف بالرعونة وعدم الاحتراز.
من هنا يجب التفريق بين الرياضة العنيفة والعنف الرياضي، لأن الخروج عن الخطر المعتاد المعروف للعبة يعيب الرضا الذي تم عند قبول اللعب بشروط اللعب المعروفة، ويخرج باللعبة عن مخاطرها المعتادة، لأنه أصبح جسيماً، ومس سلامة الجسد، وكل لعبة معروفة مخاطرها القانونية وبناء على ذلك يتم الرضا.
إن ما قام به لاعب النصر ريان بلال ليس فيه شيء من شروط استخدام الحق داخل الملعب، سواء من حيث الالتزام بالقانون أو حسن النية أو ممارسة حق بمقتضى قانون اللعبة أو القانون العام، فاللاعب كان مسؤولاً مباشرة ويتحمل الفعل والسببية التي أدت إلى كسر زميله الفريدي بشكل مباشر.
حقوق
إن على اللاعب والأندية معرفة حقوق لاعبيها، وبالذات في ظل نظام الاحتراف، ومن ينسى اللاعب عبدالرحمن أبوسيفين ذلك النجم البارز الذي كان سيصبح علامة وضاءة بارزة في ملاعبنا الرياضية، ومن ينسى ما تعرض له جمال محمد وصالح خليفة في مباراة شهيرة من اللاعب عبدالعزيز المسعود، وما تعرض له عبدالله الشريدة من كيندي، وغيرهم كثيرون خسرنا بعضهم بسبب جرائم وقتية ارتكبت ضدهم داخل الملاعب باسم اللعب والرياضة وهي براء منهم.
فما تعرضوا له لم يكن في أغلبه نتيجة احتكاك طبيعي أو خطأ أو حتى إهمال بل كان في جزء واضح منه نتيجة تعمد من زملاء لهم تعدوا عليهم على ما دون النفس بدون وجه حق، وسيحاسبون على أفعالهم عند خالقهم, أليست البهيمة تحاسب على نطحها بهيمة أخرى كما في الحديث، فكيف بالبشر؟ وكيف بمن يتعمد؟.
لنبدأ فوراً بمنع مثل هذه الأفعال المسيئة ونرفع أول قضية شرعية ضد من تعدى، وعلينا النظر إلى خسارة الرياضة السعودية لزاد منتخبها وأنديتها، وخسارة اللاعب وضرره في جزء من جسده ومعيشته ورزقه ورزق أسرته معه.
فاصلة
تأسيس المحاكم الرياضية يجعل مصب مثل هذه القضية التي تحدث مرات متعددة في الموسم الواحد مصبها فيها، وهي التي تكون مخولة بإصدار الأحكام فيها بتخويل لها من صاحب الولاية الشرعية خادم الحرمين الشريفين لتكون محكمة متخصصة، وأن أوروبا وهي التي شهدت كرة القدم بدياتها فيها قد فتحت أبواب محاكمها المدنية للدعاوي الرياضية التي رفعها لاعبون من مختلف الألعاب رغم معارضات كثيرة كانت الاتحادات الرياضية تسعى لحجبها ومنعها إلا أن الرياضيين قد نجحوا في رفع قضاياهم للمحاكم المدنية بما هو خارج عن قواعد اللعبة إلى المحاكم قبل أكثر من 60 سنة مضت.
نقطة
مبادرة الإدارة النصراوية بزيارة الفريدي المكسور على سريره في المستشفى يشكرون عليها، لكن على رؤساء الأندية والإداريين توعية لاعبيهم بخوف الله في زملائهم وقبلها في أنفسهم وعدم تعريضهم للخطأ.
والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل.
محمد بن علي القدادي
ماجستير قانون جنائي تطبيق على الملاعب الرياضية السعودية.