يختار الرئيس الناجح جنوده بناء على الكفاءة والخبرة والتجربة بينما يختار الرئيس الضعيف جنوده ومعاونيه بناء على الولاء والطاعة والتسبيح بالحمد والموافقة على كل شيء والثقة بعدم التمرد،
والفرق بين هذين النموذجين هو فرق جلي يقوم على الاختيار بناء على الرؤية والقصد من الاختيار، أن الفرق لواضح للعيان هنا بأن عملية الاختيار تتم بناء على الرغبة القائمة على الفلسفة الإدارية الموصلة للهدف والمؤدية إلى تحقيق النجاح، يطل علينا الرئيس المخفق بجلباب يتدثر به ويحافظ عليه وبصبغة تقوم على الشك والخوف من العاملين معه، مستقطبا أولئك العاملين ليحقق مصلحته ويعزز النزعة الخائفة والوجلة من النجاح والناجحين.
وفي ذات السياق فإن ذلك الرئيس الذي لا يعدو أن يكون متوجساً من النجاح والناجحين والخائف من الإبداع والمبدعين تحقيقاً وتصديقاً لنفسية ضعيفة ووهنه، ولا يستطيع تحقيق الأهداف ولا الغايات، لهذا الأمر تجد أن ذلك الاختيار يأتي متسقاً ومتماهياً مع طبيعة تلك النفسية الخربة والضعيفة، لأن الناجحين في تقدير أولئك الرؤساء الفاشلين هم أعداء محققون لا يستطيع معهم العمل أو التعامل فتقع المنشأة تحت حصار الخوف والفشل والتراجع المستمر المتفق مع تلك النفسية العرجاء، فيما يحقق الرؤساء الناجحين الواثقين والمبدعين النجاحات تلو النجاحات من خلال اختيار الجنود الأكفاء والمرؤوسين المبدعين منطلقين من فلسفة مؤداه أن الناجحين لا يؤتون إلا بالنجاح والتقدم وأن المرؤوس الكفء هو أحد أهم أدوات النجاح المحققة في معادلات التقدم والنجاح، وهم بتلك النظرة يحققون غاية التقدم والسمو في خطوات طريق الألف ميل لتحقيق النجاحات والغايات.
وفي ذات السياق هم يؤمنون وبشكل لا يقبل الشك أو التردد وأن النجاح لا يأتي إلا بالنجاح وأن أهم عوامل ذلك النجاح هم الأفراد والمورد البشري الذي يقوم على الحراك الإيجابي الفردي الموصل للهدف بأيسر وأسهل الطرق، يقول لي أحد أهم الرؤساء التنفيذيين في مملكتنا الحبيبة: إن أسهل الطرق إلى الوصول لتحقيق المراد والغاية هو اختيار المورد البشري الناجح والمرؤوس الكفء الذي يحقق الخطة المرسومة بأي منشأة كانت، كما أنه يذكر لي بأن النجاح لا يتوقف على اختيار المرؤوس الجيد فقط، بل يتعداه إلى أن اختيار المرؤوس الجيد يخرج وينتج رؤساء مستقبل قادمين وبقوة إلى مراكز متقدمة في المواقع المستحقة لهم، وهذه النظرة أيها السادة لا تأتي إلا من رئيس يثق بنفسه وبقدراته ولا يحيك في نفسه شك أو ريب من الخوف من المرؤوس الجيد كما هو حاصل في معظم قطاعاتنا الاقتصادية وحتى الحكومية، ويؤلمني ومن هذا المنبر أن معظم المديرين والرؤساء في كافة القطاعات الاقتصادية وحتى الحكومية يبحثون عن المرؤوس الأقل كفاءة والمطيع الطاعة السلبية والذي ليس له دور غير الاستجابة والسلبية، انطلاقا وكما ذكرت آنفا أن الرئيس المهزوز لا يستطيع أن يستوعب إلا مثل تلك النماذج ليحافظ على كرسيه ووظيفته ومستقبله لنصبح أمام اقتصاد مُدمر وواهن يقوم على رؤساء لا تثق بنفسها ولا في من حولها، أيها السادة أتمنى وقد ناديت بأكثر من مرة أنه يجب لزاما على الرئيس أن يخضع لدورات كثيرة واختبارات قبل اختياره منها الاختبار النفسي لتحديد محددات تلك النفسية ومعالمها، يقول المثل الياباني: (إن اختيار المرؤوس المطيع لرئيسه يعني أن هناك أحدهما ليس له فائدة)، حتى على المستوى الأسري، يجب أن يتم اختيار الزوجة التي تستطيع أن تبحر مع الزوج انطلاقا من محددات كثيرة أهمها الكفاءة والقدرة على الإبحار وتحمل مشاق الحياة والنجاح في معادلة الكر والفر، الناجحون والأكفاء لا يأتون إلا بالنجاح، قال لي أحدهم ولديه مكتب يقوم على الخدمة المهنية: إنه استقطب أناساً أقل كفاءة من الذي يجب أن يستقطبهم فتبين له بعد حين أن إنتاجية المكتب قد انخفضت بنسبة أكثر من 60%، هذا يعود إلى القدرة والكفاءة، يقول لي أحد رجال الأعمال: إنه استقطب مديرين تنفيذيين دفع لهم الكثير في السنة الأولى ثم عادوا له بالأرباح الهائلة في السنة الثانية والثالثة وكذلك السنوات اللاحقة، إذن نحن أمام نتيجة محققة وهي أن الأكفاء لا يأتون إلا بالنجاح والتقدم، تقول القاعدة إذا وجدت رؤساء غير أكفاء يعملون بشكل عشوائي وعبثي فاعلم أن وراءهم رئيساً غير ناجح وهزيل، وإذا رأيت منشأة تقوم على العمل المهني والناجح وأن هناك خلية تعتمد في نظامها على تطبيق الهيكلة والأسس الإدارية الناجحة فإن وراءها رئيساً ناجحاً ومبدعاً يخلق الإبداع ويشجع على النجاح ويدعم الطاقات الخلاّقة.
Kmkfax2197005@hotmail.com