الطائف - فهد سالم الثبيتي
اعتذرت وزارة الشؤون الاجتماعية، مُمثلةً في دار الحماية بمحافظة الطائف، عن قبول أرملة مواطن (أم لثلاث بنات سعوديات) والتي جرى استيقافها من قِبل الجهات الأمنية بالمحافظة -مؤخراً- نتيجة رفضها تسليم بناتها موضع الخلاف بينها وبين أبناء زوجها المتوفى، وبررت دار الحماية اعتذارها بالقول إن دار الحماية لا تقبل إلا حالات العنف الأسري الشديدة، معتبرة قضية الأرملة قضية شرعية ومنظورة حالياً، وليست عنفاً أسرياً وفقاً للأنظمة الجديدة التي تلقتها الدار - مؤخراً- حيال عدم قبول حالات إلا إذا كانت مُلحة جداً وتتعلق بالعنف الأسري الشديد الذي يستوجب الحماية بالدار.
وكشفت بعض المصادر أن أرملة المواطن مثار القضية ما زالت مستوقفة بالسجن العام، وأن جارتها التي كانت قد تولت العناية ببناتها الثلاث سلمتهم لدار الحماية الاجتماعية خوفاً من أن تُعاقب أمنياً على الاحتفاظ بهن، مما دفع الدار تسليم البنات لإخوانهم الذين ظلوا يُطالبون بهم كونهم الجهة الحاضنة وفقاً للصك الشرعي الصادر من المحكمة لوالدتهم (المُقيمة).
وكانت الأرملة ترفض تسليمهم البنات لأن الصك خصها بالسكن مع أبناء زوجها في منزلهم وأن تكون تحت إمرتهم، لكنها رفضت وفضلت العيش بعيداً عنهم، مما دفع أبناء الزوج إلى المطالبة بأخواتهم وتم ذلك فعلاً لهُم.وما زالت الأرملة مستوقفة، وقد صدرت توجيهات من إمارة منطقة مكة المكرمة وبُلغت لمحافظة الطائف بدراسة وضع هذه الأرملة التي حُرمت من بناتها وتمت مخاطبة دار الحماية الاجتماعية من أجل إبقائها لديهم، لكن الدار اعتذرت باعتبار أن الحالة لا تتعلق بقضايا العنف الأسري، وأنها سبق أن كانت بدار الحماية هي وبناتها وظلت لأكثر من عام بعد أن حُكم على إخوان البنات بدفع مصاريف لأخواتهم قُدرت بمبلغ 1071 ريالاً لكُل واحدة منهن، لكن الإخوة لم يتقيدوا بذلك مما دفع الأرملة إلى الخروج من الدار على مسئوليتها؛ رغبةً في أن تقتات من خلال العمل بهدف الصرف على بناتها، في الوقت الذي كانت فيه لجنة الحماية على وشك إيجاد حل مناسب للمرأة وبناتها، وذلك بالبحث عن سكن يكون قريباً من سكن أبناء زوجها، ونسقت اللجنة من أجل ذلك ووصلت لموافقة مبدئية، لكن خروجها منع تنفيذ ذلك الحل.
واستغرب المحامي الذي يتولى قضية أرملة المواطن استمرار استيقافها على الرغم من تسليم البنات الثلاث، وقال في تصريح خص به (الجزيرة) - الصحيفة الوحيدة المتابعة للقضية-: (القضية كانت منظورة بلجنة الصُلح بالمحافظة وأنا بنفسي عرضت الصلح على أبناء زوجها، من أجل الوصول إلى حل وسط في سبيل مصلحة البنات وقوبلت بالرفض القاطع من قِبلهم لحين أن رجعوا وطالبوا بالبنات على الرغم من أن حضانتهم تختص بوالدتهم بعد أن كان الصك الشرعي قد انتهى بذلك، والذي لم يتم تمييزه حتى اللحظة)، وأشار إلى أنه لو أسقط حق الحضانة عنها والصك لم يتم تمييزه بعد فيعتبر ذلك غير نافذ، مؤكداً أن السلطات التشريعية لا يمكن أن توجه أو تتقيد بأي شيء يختص بقضية إلا بعد أن يُميز الحكم، ولفت إلى أن السلطات التنفيذية لا تملك الحق باتخاذ أي قرار في قضية منظورة بالقضاء ولا بد من الرجوع للقاضي نفسه.
وأضاف المحامي المالكي أن هناك قضايا كثيرة تم تجاهلها تتعلق بالأبناء ضد زوجة والدهم لترك مجال للصلح، ومنها اعتداؤهم عليها ضرباً وتعنيفها وفقاً لتقارير مُثبتة وموجودة لدى الشُرطة التي حققت في تفاصيلها منذُ بداية نشوب الخلاف بين الأبناء والمرأة.وقال المالكي (نحن نثق في قضائنا وشرعنا المُنصف وسنبحث ونرفع كُل الدعاوى من أجل إنصاف هذه المرأة التي هي أم لثلاث بنات سعوديات كونها تعرضت للظُلم وسنُقدم كل الأدلة التي نملكها، وإنني بذلك انتهزها فرصة لأناشد كُل إنسان يستطيع مساعدتها مادياً أو معنوياً بألا يتردد كون ظروفها سيئة جداً وبحاجة ماسة للمساعدة).وقال إن المبادرة بإطلاق سراحها وبشكل سريع هو بداية الحل للقضية بناءً على معلومات توفرت لديه عن الاهتمام البالغ بالقضية من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة الذي وجه بالنظر في أمرها تبليغاً لمحافظ الطائف فهد بن عبدالعزيز بن معمر وفقاً للقاء الذي تم بينه وبين مدير الحقوق المدنية بالطائف والذي أخبره بالتحركات التي حدثت في قضيتها بخلاف التحركات التي بذلها المحامي في سبيل إيجاد حل ينتهي بلم الشمل بين المرأة وبناتها مع أبناء زوجها المتوفى وإغلاق الملف نهائياً.يُذكر أن (الجزيرة) كانت قد تتبعت مستجدات القضية منذ بدايتها لحين نشر تفاصيل استيقافها بعدد يوم الأربعاء الماضي.