كلنا نتذكّر تلك الوعود التي أطلقها تجار السلع التموينية مع بداية الأزمة المالية العالمية قبل خمسة أشهر. فبعد أن انخفضت أسعار تلك السلع في الكثير من دول العالم بما نسبته 30 - 40% بسبب تأثيرات الأزمة المالية والتي ألقت بظلالها السلبية من خلال الانخفاض الحاد في أسعار السلع التموينية، ذهب تجار السلع التموينية في المملكة إلى التأكيد بأنهم سيطبقون تلك التخفيضات، ولكن بعد نفاد السلع الموجودة في مستودعاتهم في ذلك الوقت، والتي تم شراؤها بتكلفة عالية (كما يدعون). فهل صدقتْ تلك الوعود وهل التزم تجار السلع التموينية بكلمتهم أمام عملائهم المستهلكين وأمام أجهزة الدولة؟ كما هي العادة لم تصدق الوعود، واستمر ضحكهم وخداعهم للمشترين في ظل سبات عميق من قِبل الإدارات المعنية بوزارة التجارة.
وقد يقول قائل بأنّ أسعار السلع تحكمها معايير الطلب والعرض ومنافسة السوق، مما يعني عدم مناسبة تدخُّل وزارة التجارة، إلاّ أنني أجزم بأنّ الجميع يدرك بأنّ غالبية السلع التموينية هي بيد عدد محدد من كبار التجار والوكلاء والذين احتكروا السوق، وغالباً ما يتم التنسيق فيما بينهم على أسعار محدّدة تعزّز ربحيتهم وملاءتهم المالية، وتزيد من معاناة المستهلكين ومحدودي الدخل.
لقد صرح رئيس جمعية المستهلك السعودية الدكتور محمد الحمد لصحيفة الرياض (الخميس 27-4-1430هـ) بأنّ الانخفاضات التي شهدتها الأسواق العالمية لم تنعكس تأثيراتها على انخفاض أسعار السلع التموينية في أسواق المملكة، مضيفاً بأنّ وعود المورّدين في خفض أسعار السلع التموينية محلياً قد تبخّرت، والانخفاضات التي سجّلتها الأسواق الملحية لم تتجاوز 5% فقط لأصناف الأرز وهو الأكثر طلباً.إنني أتساءل عن السبب الذي يجعل وزارة التجارة تسمح للتجار باستمرار التمسك بالأسعار المرتفعة، على الرغم من زوال كافة الأسباب التي أدت إلى غلاء وارتفاع أسعار تلك السلع، خاصة في ظل الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار تلك السلع في الأسواق العالمية. فأجور النقل والشحن قد انخفضت، وأسعار المواد الأولية قد انحدرت بشكل كبير، كما أنّ المعروض من السلع التموينية في الأسواق العالمية يفوق وبكثير الطلب عليها. فما حجة إخواننا التجار السعوديين في الإبقاء على الأسعار الغالية للسلع على الرغم من تلك المعطيات.
هل أعماهم الجشع بجمع المال، أم أغراهم الصمت غير المبرّر من قِبل وزارة التجارة تجاه ممارساتهم غير المقبولة، وأيّاً كان سبب ذلك، فإنّ المتضرّر من ذلك هو المواطن.