«الجزيرة» - منيرة المشخص:
أكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه بأن الاقتصاد بات محركاً للإعلام وقال إن مسؤولية وسائل الإعلام في التعامل مع التطورات الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية تستوجب التحلي بقدر كامل من الأمانة والمصداقية، والتعامل مع الحقائق بمنطق واعٍ يأخذ في الحسبان مصالح قطاع المال والأعمال، ومصالح المواطنين والمستهلكين، مع الالتزام بما يخدم مصالح البلاد العليا، ويعين على نجاح جهود مؤسسات الدولة المتواصلة في خدمة المواطن، ويسهم في إيضاح ما قد يوجد من خلل في آداء الأجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص.
وقال الوزير إن دور الإعلام في النشاط الاقتصادي خطير وبالغ التأثير ويتطلب وجود قدرات سعودية ذات دراية متخصصة في المجالات الاقتصادية ومتقنة للفنون الصحفية على حد سواء ودعا خوجه خلال افتتاحه أمس ملتقى الإعلام الاقتصادي الذي تنظمه غرفة الرياض وسائل الإعلام إلى أهمية تحقيق التوازن في تناول مشكلات القطاع الاقتصادي واحتياجات وطموحات المواطنين، بصفتهم مستهلكين للسلع والخدمات التي يقدمها هذا القطاع، وشدد الوزير على أهمية التزام وسائل الإعلام -الحكومية والأهلية- بالأمانة والشمولية في تسليطها الضوء على ما تقوم به الدولة من جهود كبيرة في خدمة المواطنين، إذ ينتظر منها أن تعكس ما تبذله الدولة وتنفقه على مشاريع التنمية الاقتصادية، وما تسنه من أنظمه تهدف في مجملها إلى تقوية بنية البلاد الاقتصادية وتعزيز قدراتها التنافسية. وأضاف الوزير: الإعلام الاقتصادي قطاع إستراتيجي مرتبط بالهوية والوعي وله بنى أساسية ومنتجات تشبع احتياجات متجددة لدى أفراد الجمهور، وألحظ أن هذا البعد المهم لم يحظ حتى يومنا هذا بالاهتمام المطلوب رغم إسهام قطاع الإعلام.. ورأى الوزير أن عقد هذا الملتقى والفعاليات المماثلة في مناطق المملكة ومدنها المختلفة يدل على تقدم الوعي وتنامي الإدراك بأهمية الإعلام وتأثيراته ومساهماته في الحركة الاقتصادية، وأضاف الوزير: إن انضمام المملكة لمنظمة التجارة وضع الإعلام السعودي أمام تحد كبير، إذ تعد أسواق المملكة هي الأكبر في العالم النامي وتستمر حدة المنافسة على معدلات عوائد رأس المال الذي يسود أسواق الاقتصاديات الحرة وتابع: بدأت شركات الإعلام ومؤسساته بالتركيز على قواعدها الجماهيرية طلباً لرفع معدلات الإعلان التجاري وملاحقة المستهلكين للمنتجات الصناعية وغيرها وأصبح الاقتصاد أساسياً محركاً للإعلام ولفت معالي الدكتور خوجه النظر إلى ما يمر به العالم في الفترة الراهنة من أزمة اقتصادية قاسية تحاول خلالها دول العالم المتقدمة والغنية قبل النامية والفقيرة الوصول إلى حلول تدرء تداعياتها وانعكاساتها المقلقة، ووسط كل هذه الظروف الصعبة نجد أن وسائل الإعلام مشارك بارز في تشكيل آراء واتجاهات الحكومات والشعوب إزاء ما يحدث في العالم بالتغطية الإعلامية المتواصلة وشدد الوزير على أهمية التكوين المهني للشباب السعودي في مجال الإعلام وقال: بلادنا لا تنقصها الموارد اللازمة للتوسع في مجال النشاط الإعلامي الحكومي أو الأهلي، بقدر ما تحتاج إلى أعداد متزايدة من المهنيين القادرين على آداء مختلف المهام الإعلامية بما في ذلك الجوانب الهندسية والفنية. وفي ختام كلمته عدّ الوزير المصداقية رأس مال وسائل الإعلام الحريصة على الإبقاء على جمهورها وزيادتهم خصوصاً في ظل تركيز وسائل الإعلام الدولية على المملكة، وفي ظل وجود وسائل الإعلام الجديدة المتمثلة في المواقع والمنتديات والتي تشكل منافساً لوسائل الإعلام التقليدية يلجأ إليه المواطن للحصول على ما يحتاجه من معلومات. من جانبه قال رئيس غرفة الرياض عبدالرحمن الجريسي: إن الملتقى يأتي مواكباً ومنسجماً مع الاهتمام الذي توليه الدولة للإعلام ولدوره ورسالته في خدمة الاقتصاد الوطني والتنمية بمفهومها الشامل. وقال: (إن الإعلام الاقتصادي متعدد الأبعاد والاتجاهات يخاطب الرأي العام بهدف تعزيز دوره الإيجابي في عملية الإصلاح الاقتصادي، ولدينا آمال عريضة أن يواصل دوره الفاعل في تعزيز المفاهيم التنموية لاسيما تلك التي لها مساس مباشر بحياة ومصالح الناس ومستقبل أجيالهم من خلال تطوير أداء الإعلام الاقتصادي وتنويع أساليب الطرح وتجاوز مجرد نقل الخبر إلى التحليل والاستقراء وتوسيع دائرة المشاركة في عملية صنع القرار الاقتصادي وتشجيع ودعم الشفافية وتقبل النقد الموضوعي المبني على المصلحة العامة والمرتكز على أسس معلوماتية صحيحة تثري تبادل الأفكار والآراء والمعالجات الواقعية لقضايانا التنموية).
الجلسات
وقد بدأت الجلسات العلمية للملتقى، فأول المتحدثين في الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور محمد الحيزان، كان الإعلامي جاسر الجاسر بورقة عمل تناولت (المعالجة الإعلامية للأزمة المالية العالمية) رصد فيها ابرز ملامح الصحافة الاقتصادية إلى ما قبل عام 2002م وفي مقدمتها الضعف المهني الحاد لدى المحررين الاقتصاديين، وإحجام المؤسسات الاقتصادية عن دورها آنذاك في تبني ندوات ودورات تأهيلية تدعم العلاقة التكاملية بين الإعلام والاقتصاد. ثم انتقل المحاضر إلى ما وصفه بمرحلة الصحوة الاقتصادية بالصحف حيث توسعت في السنوات الأخيرة في ملاحقتها الاقتصادية تحت ضغط الحراك الاقتصادي.
ثم ألقى الدكتور عبد المحسن الداود نائب رئيس تحرير صحيفة الرياض ورقة عمل بعنوان: (إسهام الإعلام في التنمية) تناول فيها أبرز المعوقات التي تواجه الصحافة الاقتصادية، مشيراً إلى أن من أبرزها ضعف التأهيل المهني للصحفي الاقتصادي، ونقص المعلومات التحليلية للأوضاع الاقتصادية.
تلا ذلك الدكتور عبد الله الدليقان العضو المنتدب لمعهد الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي الذي ألقى ورقة عمل بعنوان: (تطوير الإعلام كهدف إستراتيجي للمؤسسات الإعلامية) تناول فيها أبعاد نمو الإعلام المتخصص ومتطلبات هذا النمو المتسارع، وتطرق إلى رصد مؤشرات تدل على الحاجة إلى التنمية البشرية في مجال الإعلام الاقتصادي، ومنها أهمية الربط بين محتوى الرسالة الإعلامية الاقتصادية ومستوى المتلقي ونوعيته.
ثم ألقى فهد العجلان مدير التحرير للشؤون الاقتصادية بصحيفة (الجزيرة) ورقة عمله بعنوان: (الثالوث الاقتصادي وفك الاشتباك)، طرح فيها رؤيته لنفض الاشتباك بين الثالوث الإعلامي الإعلام والإعلان والعلاقات العامة.
وطرح العجلان تساؤلاً يقول فيه: هل الإعلان مورداً أم قائداً للإعلام الاقتصادي؟ ويجيب على ذلك بقوله إن تأثير الإعلان المدفوع على الإعلام هو تأثير يسير في اتجاهين الأول سلبي والثاني إيجابي، وشرح فرض السلبي يتسبب في حجب المعلومة الصحيحة أو يزوره باستغلال من الشركات والضغط على وسائل الإعلام، والإيجابي يتمثل في المساعدة على ازدهار الصحف مادياً وزيادة أجور العاملين فيها وجلب التقنيات الجديدة إليها.وفي الجلسة الثانية للملتقى التي ترأسها الدكتور منصور بن كدسة تحدث سلطان البازعي عن التطور الكبير الذي شهدته مهنة العلاقات العامة خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن هذا التطور من شأنه أن يحدث نقلة وتطور في الإعلام الاقتصادي بدرجة كبيرة، كما تطرق للعلاقة بين المؤسسات الاقتصادية والصحفية موضحا أنها مبنية على منفعة متبادلة يشكل الإعلان عنصرا مهما فيها.
كما تحدث الدكتور محمد القنيبط مركزا على واقع الإعلام الاقتصادي الراهن موضحا أنه توجد بالمملكة 13 صحيفة و4 محطات تلفزيون و4 محطات إذاعية جميعها تواجه مشكلة في تغطية الأحداث الاقتصادية بسبب عدم وجود متخصصين إضافة إلى ضعف التدريب.
مبيناً أن هناك تفاوت تغطية الأحداث الاقتصادية وتضارب المعلومات في هذا الجانب يرجع السبب فيه إلى عدم اهتمام المؤسسات الصحفية بجانب التدريب واعتمادها على المتعاونين مشيرا في هذا الجانب إلى أن نسبة المتعاونين في المؤسسات الصحفية تصل إلى (85%) يتقاضون رواتبا زهيدة لا تحفزهم على العطاء وذلك في الوقت الذي تتجاوز فيه أرباح بعض المؤسسات الصحفية (30%).
التوصيات
وفي نهاية الملتقى صدرت التوصيات وهي كالتالي: الدعوة لإنشاء مركز بحثي إعلامي تحت مظلة هيئة الصحفيين السعوديين للبحث في تنويع وسائل ومصادر تمويل المؤسسات الإعلامية لتلافي اعتمادها على الإعلان بشكل رئيسي، وتبني برامج تدريب إعداد وتأهيل الصحفيين والإعلاميين الاقتصاديين بالتعاون مع المراكز التدريبية المتخصصة داخل وخارج المملكة، وتحديث مناهج أقسام الإعلام لتكون أكثر مقاربة مع تقنيات الإعلام الحديث وتطوراته المتسارعة.
كما أوصى الملتقى باستقطاب خريجي الاقتصاد من الكليات المميزة وتأهيلهم إعلاميا، وعقد دورات تدريبية مع ملاحقة التطورات الاقتصادية، ووضع آليات لحماية المصادر الإعلامية دعماً لتطوير الأداء الصحفي، وأن تتبنى الغرفة التجارية الصناعية بالرياض تنظيم هذا الملتقى سنوياً، وقيام المؤسسات الإعلامية بتحسين المزايا المالية للمتعاونين.
ودعا الملتقى الجهات الحكومية التي تمتلك الإحصائيات والمعلومات الاقتصادية إلى التعاون مع وسائل الإعلام وتزويدها بتلك الإحصائيات تجنباً للاجتهاد أو الاستعانة بمصادر غير دقيقة، كما شدد على أهمية عقد لقاءات دورية بين الإعلام والجهات المعنية بالاقتصاد مثل وزارة التجارة والصناعة ووزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المالية وغيرها من الجهات التي لها علاقة مباشرة بالمتغيرات الاقتصادية لإيجاد مساحة من الفهم المشترك لطبيعة عمل الصحافة الاقتصادية في خدمة المجتمع وتقدمه.