زيادة وتيرة أعمال العنف في العراق في الأيام الأخيرة تؤكد أن هناك من له مصلحة في بقاء القوات الأمريكية في هذا البلد العربي الكبير المحتل منذ 2003م ، ولا يريد لهذه القوات أن تخرج منها لا قريبا ولا في المستقبل البعيد.
فالعمليات الانتحارية الأخيرة والتي أودت بحياة أكثر من 150 شخصاً خلال ساعات تأتي في حين تستعد القوات الأمريكية للانسحاب من المدن العراقية في يونيو وقبل الانسحاب الأمريكي الكامل بحلول نهاية عام 2011. وأعمال العنف هذه الهدف من ورائها فيما يبدو جلياً إحراج الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة باراك أوباما وتعطيل خطتها الخاصة بسحب القوات الأمريكية من العراق بحجة الخشية من وقوع البلاد في حرب أهلية طاحنة، والدليل أن دوامة العنف عادت لتعصف بالشعب العراقي من جديد!.
فمن هؤلاء الذين من مصلحتهم أن يغرق العراق في عنف لا ينتهي، وأن تبقى القوات الأمريكية لأجل غير مسمى؟.
نجيب على ذلك بأن من جملة المستفيدين من تدهور الوضع الأمني في العراق هم الجماعات الإرهابية التي لا تفرق بين المحتلين والمدنيين، بل إن أكثر ضحاياهم هم من المدنيين العزل.
وهؤلاء يريدون ألا يخسروا مبرر وجودهم في العراق كما يقولون وهو مقاومة المحتل، لأن خروج القوات الأمريكية من العراق سيسحب هذا المبرر من بين أيديهم، وعندها لا ذريعة لوجودهم أمام الشعب العراقي الذي عانى من العنف طوال عدة سنوات.
كذلك من المستفيدين من هذا الوضع المأساوي هي الدول التي تريد أن تحدث مزيدا من الاختراقات في النسيج السياسي والاجتماعي في العراق والتي تريد أن تنهب مقدراته الطبيعية وثرواته النفطية.
فالفوضى في العراق يسمح لها بالتدخل لتسخير ما سيفرز عنه العنف لمصلحتها هي ولتطبيق أجندتها الخاصة ومن ثم تحقيق ما تريده من هيمنة على المنطقة بأكملها.. هكذا يخيل لها!.
هذه الدول استفادت من ضعف العراق ودخوله في النفق الطائفي المظلم الطويل، وأصبح لها صوت وكلمة في العراق لم يكن ممكنا لها ذلك في عهد الرئيس الراحل صدام حسين.
كذلك من المستفيدين من تدهور الأمن في العراق مصانع الأسلحة الأمريكية التي تقتات على الحروب التي تخوضها أمريكا، فإذا انسحبت القوات الأمريكية من العراق، وانحلت المسألة في أفغانستان فكيف ستعمل هذه المصانع وكيف تصرف إنتاجها؟.
وهذه المصانع يقف خلفها سياسيون لهم مصالح متقاطعة مع هذه المصانع، وسياسة أوباما لا تأتي في مصلحتهم على الإطلاق لأن من مصلحتهم استمرار العنف ليس في العراق وأفغانستان فحسب، ولكن انفجاره في كل مكان من أجل ضمان تصريف الإنتاج العسكري الأمريكي!
***