معظم التقارير الاقتصادية تؤكد سقوط الرأسمالية المرعب، وتتحدث عن أسباب هذا السقوط، فتشير إلى إجرامٍ اقتصادي شنيع ارتكبه صنّاع الرأسمالية ومنفِّذوها ضد البشرية، وتؤكد تلك التقارير أنّ الرأسمالية قائمة على مبدأ (كن آكلاً قبل أنْ تُؤْكَل)، وهو مبدأ العولمة نفسه الذي يقول (إما أن نأكل أو يأكلنا الآخرون)، وتشير التقارير أيضاً إلى أنّ أصابع الاتهام تشير إلى عدد من المتسلِّطين على اقتصاد العالم بالعَسْف، والتسلُّط السياسي والعسكري، وقسوة الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية المضلِّلة، التي تقف في صفوف الأثرياء والأقوياء و(طُغاة المال) في العالم، ضدّ الضعفاء الذين تلتهم الرأسمالية جهودهم وأوقاتهم وكرامتهم.
|
يقول الكاتب محمد حسين عبد العزيز في الملحق الاقتصادي في جريدة الراية القطرية: إنّ الأمة العربية تعيش حالة حرجة بين عولمة الضّياع وعدم القدرة على تحديد الوجهة في هذه المرحلة الاقتصادية التي تنذر بانهيار كبير، قد بدأ فعليّاً ولم يعد توقُّعاً لما يمكن أن يكون، لقد صنعت (العولمة) نظاماً وحشيّاً جعل الأغنياء أكثر غنى، والفقراء أشدَّ فقراً، وهذا الوضع لا يمكن أن تستقرَّ معه الدول مهما كانت محاولاتها الرامية إلى الاستقرار، إنّ الرأسمالية تلفظ أنفاسها الأخيرة - لا شك في ذلك - ولكنْ أين موقع المسلمين من هذه الحالة؟ ولماذا لا نرى تكتُّلاً عربياً إسلامياً واقعياً يواجه الأزمة العالمية ببرامج عمل قوية تستعيد بها الأمة مكانتها التائهة في أروقة أنظمة الغرب الجائرة.
|
لقد أشار الكاتب إلى مسألة في غاية الأهمية ألا وهي: دور الأمة المسلمة في التعامل الواعي مع أزمة العالم الخانقة دون استسلام لروح التبعيّة والانهزام الذي تعوّدت عليه دول العالم الثالث - كما يقولون -.
|
إنّ التقارير التي تتحدث عن وضع أمريكا الراهن - مثلاً - تشبه بصورة كبيرة التقارير التي كانت تصدر قبل سقوط الاتحاد السوفيتي وهل كان (الاقتصاد) إلاّ المعول الحقيقي الذي حطّم الكيان الشيوعي؟، وها هو ذا يقوم بدوره المقدَّر من الله عزَّ وجل مع الكيان الرأسمالي.
|
إنّ المتابع لكتابات الغربيين أنفسهم يدرك حجم الأزمة، وخطورة الكارثة المقبلة على أولئك الذين حاربوا الله عز وجل بالرِّبا والقمار وأفلام الجنس والرذيلة وتحطيم مقاييس الدين، وهدم حصون الأخلاق، وهي نتيجة يراها المسلم بعين بصيرته، منذ أن رأى تلك الأنظمة البشرية التي ساقت العالم إلى الهاوية.
|
تتردَّد على أقلام كثير من الكتّاب عبارات (اندفعت أمريكا وفكرت بقرونها وحوافرها، ولا مفرَّ من دَفْع الثمن)، (فرح الأمريكيون بسقوط الاتحاد السوفيتي، وستفرح روسيا بسقوط الأمريكيين)، (لو لم تكن الأزمة حقيقية لما طلبت إحدى عشرة ولاية أمريكية الانفصال عن البيت الأبيض خلال هذه المرحلة الأخيرة).
|
ونحن نقول: نتيجة محاربة الله بالمعاصي معروفة محتومة، وقد نصحت رجلاً سعودياً معنيّاً بالعقار بأن يستخدم كوابح الوعي، لأنه كان منطلقاً بشدّة لاستثمار ماله كله في العقار في أمريكا وكان يقول لي: هذه أمريكا يا دكتور، قَلْعة الاقتصاد العالمي التي لا تنهار، أمريكا التي تستخدم أفضل الطاقات البشرية الاقتصادية في العالم على الإطلاق ...، قلت له: أنا أنصحك لأنني أنظر إلى الأمر بمنظوري الإسلامي الذي يقول:
|
إنّ الله سبحانه وتعالى يُمهل ولا يُهمل، وسنن الله في الكون لا تتبدّل.
|
|
أنا لا أرى جَوْرَ الأعادي عائقاً |
لكنَّ ضَعْفَ المسلمين العائقُ |
|