يوم الخميس 27-4-1430 وافق الثالث والعشرين من شهر إبريل لهذا العام الميلادي 2009، وهو يوم احتفى العالم فيه بالكتاب، وعادة تكون الأيام الموسومة بموضوعاتها تذكيراً من جهة برمزيتها، ومباركة لاجتماع بشري في أنحاء الأرض على مضمون هذه الرمزية..
لن أخوض في مفهوم وقيمة الكتاب الذي بقيت له وجاهته وهيبته ومرجعيته وأصالته مع كل ما تحقق من زحف جائر عليه من منافذ تعددت وأغرت، لكنه ظل البوتقة لمنجزات العقل والوجدان ووعاءً للأفكار والنوايا، وسيداً في المنصات والتوثيق، والرفيق الذي يؤنس، والبستان الذي نعش، والغيمة التي تزخ، والبحر الذي يزخر، والطرق التي عنها يسافر المرء نحو كل من ينأى ولكل ما هو قصي، هو مبتدأ (اقرأ)، ومصدر (عرفت)، ومنتهى (فهمت)..
في يوم الخميس أيقظت الأم الشابة صغارها الثلاثة، طلبت إليهم أن يصلّوا الفجر ويتناولوا قليلاً من الحليب، ويختاروا من طبق الفاكهة ما يحلو لهم، ثم يجتمعوا إليها, وبعد أن فعلوا كانت الدهشة تعم وجوه الصغار لكنهم سألوها سر هذا؟.. فأخبرتهم بأنه يوم خاص ستكون فيه أنشطتهم على غير ما تعودوه في يوم الخميس،.. تحمَّس كلٌ منهم لما سيكون في هذا اليوم، فبدأتهم الأم بطلب العودة إلى حجراتهم والنظر إلى مفاجأة أعدتها لهم، فإذا بكل واحد منهم يجد مكتبته الصغيرة قد زِيدت مجموعة من الكتب التي كان كل واحد فيهم يطلبها، وزِيدت مقتنياتهم بعض مختارات من أمهم وأبيهم، أما الأب فقد جاءهم بكتب مبسَّطة عن تخصصه وتخصص زوجه (أمهم) ليكونوا على معرفة بمجالي دراسة والديهما، أما الأم فكانت مختاراتها المفتوحة توافق مواهب واتجاهات كل منهم على انفراد..
ثم طلب الأب من أبنائه أن يختاروا مكاناً للفسحة، فقال كل منهم نجلس في البيت نطالع ما أُضيف لكتبنا.. مرَّ ثلتا اليوم وهم يقرؤون، وعلى وجبة الغداء بدأ كل منهم يسرد ما قرأ والوالدان يتجاوبان ويصغيان، تعزيزاً لقيمة القراءة والكتاب.
قال الصغير ابن الثامنة: لماذا يضيّعون صفحات القصص في رسومات بينما الكلام لا يطغى عليها في أكثر القصص، وعندما طلبت أمه إليه أن يفكر في الإجابة قال: صحيح لقد جذبتني الرسومات والألوان، بينما البنت الكبرى وهي في بداية المرحلة المتوسطة دراسياً قالت: ياه للكتاب رائحة أجمل من العطر.. أما الثالثة فقالت: أحب الكتاب اليوم أكثر..
وجدت في مثل هذا الاحتفاء بالكتاب والقراءة تعزيزاً لبناء لم تغفل هذه الأسرة جوانبه ولا دعاماته..